إذا دخلتَ عليه فافتح فمك ! أيها المريض المكتئب : لا تحزن ، فمنذ أن دخلت عيادته و العافية تستقبلك بصدر رحب ، و الألم ترتعد فرائصه فهو يعلم مصيره . بعد أن كشّر عن أنيابه و ابتسم لك لتعرف أن أسنانه الصفراء تحتاج هي الأخرى إلى طبيب ، ثم وضع الكمّامة على فمه ، يُخرِج الطبيب المتمرّس إبرة التخدير و يُربّتُ على كتفك المتعب و يقول : ( بإذن الله سنقتلع الألم من جذوره ، و كُلّ ما عليك فعله هو أن تفتح فمك فأنت تعلم أن هدفنا أسنانك ! ) يهمهم قليلاً و ربما يزمجر ثم يُفتَحُ عليه و يصيح بفرحة مكتشف قارة أمريكا : ( أتصدّق ؟! كل أسنانك تحتاج إلى صيانة ) ثم يتزحزح و يعود للهمهة ثم يقول : ( أفتح فمك ، لاتخاف ، هدفنا أسنانك ، و أسعارنا مقبولة ، و بإذن الله تكون أنت من المرضى الذين نراهم دائما في عيادتنا ) بعد التخدير الموضعي و فتح الفم ليتحول إلى مغارة يُدخِل الطبيب الحاذق ( الزّراديّة ) و بكل ما أُوتي من قوة يجذب الضرس الأنيق النظيف الذي كان له تاريخ مشرق مع صاحبه : لقد طحن اللحم ، و كسر قشر الفستق ، و هرس الفاكهة ، و ظلّ وحيدا مناضلا ضد ( السّوس ) الذي فتك بأصحابه !! أيها المريض المكتئب : لا تحزن ، فالطبيب يقول : ( هذا الضرس الجميل كان يقف حاجزا بيننا و بين الضرس التالف .. و يضحك متعجباً و يكمل : ( تصوّر يا مريضي ، مع أنني ظننتُ أنه سينكسر إلا أنه ظلّ قويا ..ما شاء الله ، ضرس جميل !! .. مع ذلك : هيّا يا مريضي العزيز : أنت الآن ( زبون ) و سنخفّف عنك ، فأدفع نصف الثمن اليوم ، و بعد أيام تعال لنرى بقية أسنانك و نتحاسب . ) و يضحك مكشرا عن أنيابه و يودع المريض المفجوع .. ( افتح فمك .. هدفنا أسنانك ) !!