الكتابة وأختها رفيق أصلحْ حذاءَك سوف تمشي كل هذا العمر وحدَكَ في مهبّ المستجير بفطنة الأسرى ستمشي مستعيناً بالكتابة وحدها قدماك ضائعتان لا يؤويك بيتُ، تخرج عن صراط الناس، أصلحْ في حذائك خيطَه وشريطَه المحميّ، تمشي في ظلامٍ ظالمٍ ويطوفُ حولك … وأشقياءُ ويتبعون خطاكَ لو أنَّ الحذاءَ مشى وحيداً سوف يدركه الخرافيون يتبعه الحفاةُ الضالعون ويقتفيكَ جنودُ بيت الله يُجْرُونَ الحدودَ عليك لا تُهملْ حذاءَك سوف يُنْهُونَ العقوبة يَنتهونَ من الصلاة وتنتهي. أصلحْ حذاء سوف ينفع أنْ يكون رفيقك الليلي إن طالَ المسيرُ وإنْ غفوتَ على الرصيف. حذاءٌ سيدٌ ينساك في الأسرى فكنْ أدرى بما يُخفيكَ في قدمين تائهتين في ليل يطول. مرآةُ «بورخيس» في عتمة المكتبات في متاهة الأروقة وغابة الرموز نلتقي في خلسة نورانية تعبرُ بين الرفوف لتكدّسَ مختاراتك وتقنعَ النصَّ بالنوم بين الكتابة وأختِها لئلا ينعسَ القرّاءُ وتخسرَ الجنةُ فرصتَها الوحيدة للنجاة فالنصُ في الموت قبل القراءة وأختِها إن لم يكن في المرايا. المكتبات التي أعادَ لها «بورخيس» هيبة الغموض وفكّ شفراتها المكنوزة في حواشي النصوص وانعطف بها في راحة الهوامش، ها كنتَ تأخذ الدرسَ وتنفي العِلمَ لتمنح المكتبة شرفة الأرض. في رعاية ملكة عريشةٌ تدَّخر لنا دفءَ الشتاء مقصورةٌ النار مكنوزةٌ بعطايا الغابة وهندمة الأشجار بعد عُريها الريفيّ بالعتيق من تجاعيدها أرواحنا ثابتة في المقاعد ووحلنا الشفيف يكادُ يَجِصُّ في أكفّنا ورُكبنا المتكوّعة أمامَ التنور لقد دفعوا بنا في ردهة الكون لكي نُؤَلِّفَ لأبنائنا مستقبلاً ونَزِنَ نُزْهَةَ الغابة بذخيرة العريشة ودفء مقصوراتها ونتيحَ للنيران بهوَ العناقات المذعورة أبناؤنا المنذورون لأقاصي الكون لا الذريعة تدركهم ولا تشفعُ لهم حصةُ الفقد أيتها النار..النار أيتها المليكة. تحيّة نَهَضَ القمحُ قبل الصباحْ يؤرجحُ أجراسَه القزحيّة يردُّ التحيّةَ لأحلامنا، مثلما يلتقي الفجرُ طفلاً ويهفو إليه صائحاً يا مهيضَ الجناح أيها النص في العزلة. ماءٌ يتعلم يَهطُلُ في وابلٍ من شِباكٍ غير مرئية يتسارع كلما دخل الضوءُ في عتمةٍ ماءٌ … يكرزُ مستعجلاً كمَن يريد اللحاق بموعدٍ تأخر عنه فلا تتأخرْ مَعَهْ ما من حكمةٍ في ليل الريف تدفعك لارتداء ما يصدُّ المطر ماءٌ الأنهر… دّعْه يلامسك مثل طفلٍ يتعلَّمُ ليلٌ هابطٌ في مطرٍ يتحرر من وقته اخرجْ إليه عارياً مما يمنع جسدَك عن حرية الماء ليلٌ شاهقٌ، اصعدْ إليه بأجنحة المطرِ ولا تبتلْ.