لم أكن أعرف من أمور الدنيا شيئاً، كان وزني متناسقاً مع طولي في مرحلة الطفولة، وحين كبرت وعرفت الدنيا زاد طول جسمي ونقص وزني بشكل كبير، ولم يعد لي سوى ترديد أمنية الشاعر “آه من يأخذ عمري كله/ ويعيد الطفل والجهل القديما”! هذه المقدمة مهمة لتشريح واقع أعايش فيه نظرات الاستهجان ممن يشاهدني أمشي على قدمين من عظم! فمنهم من يعطف على حالي ويعزو الحال إلى “علم وراثة مِنْدِل”، ومنهم من يتهكم فيردد “الطول طول نخله...”، فأتقبل تعليقاتهم على وجه المرح والدعابة، وأرد على بعضهم بأنني أنتمي لعالم “الرشاقة”، الذي ينشده المشاهير، ويدفعون الغالي والثمين من أجل تخسيس أوزانهم، خصوصاً في بعض المناطق المؤثرة على بعض النشاطات! كلما تقدّم الإنسان في العمر زاد وزنه، وأنا أمشي عكس ذلك، فقد نصحوني في بداية شبابي بالزواج كي أحظى ببعض الكيلوات الإضافية، فتزوجت ونقص وزني أربعة كيلوجرامات، ثم قالوا لي استخدم “العنبر” فنقص وزني كيلوجراماً واحداً؛ ونصحني أحد الأصدقاء بالكتابة في الصحافة كاتباً يومياً فنقصت كيلوين! والنصيحة المقدمة لي هذه الأيام أن أقترن بالزوجة الثانية، ولن أجازف بما تبقى من وزن! في اللقاء المقتضب بسعادة رئيس التحرير في جازان، كأنني قرأت في عينيه تساؤلاً عن سر نحافتي المفرطة، خصوصاً وهو يحدق في مدير مكتب “الشرق” في جازان، عبدالله البارقي، ثم يمرر نظره إلى زميلنا “إبراهيم الحازمي”، وأستاذنا “علي مكي”، فيرى بوناً شاسعاً في الوزن. (غداً نكمل)