حفر الباطن – عبدالرحمن الروضان الرحيلي: معالجة أوضاع مدارس «العشيش» من أولويات الإدارة على مستوى البنين والبنات البلدية: مساكن الصفيح خارج التخطيط العمراني.. والبلدية غير مسؤولة عن تقديم الخدمات لها مع اقتراب فصل الشتاء، تبدأ رحلة المعاناة لدى قاطني مساكن الصفيح في محافظة حفرالباطن، أو ما تعرف بمسمى (بيوت العشيش) الواقعة على طريق الشمال الدولي، ومع هبوب أول نسمات البرد تلجأ أكثر من 200 أسرة في 3000 مسكن لحلول مؤقتة ورديئة لا يمكنها أن تقي من برد الشتاء القارص، فكومة الحطب التي يتم توفيرها بدءاً من هذه الأيام لم تعد حلاً ناجعاً على اعتبار منع الاحتطاب والرقابة الصارمة على بائعيه. صنادق عشوائية العشيش في حفرالباطن هي أربعة أحياء.. في واقعها هي مسميات لا تمت للأحياء بصلة بسبب عشوائيتها وسوء تنظيمها وتباعد مساكنها المبنية من الصفيح والشينكو والخشب والصنادق..في مشهد ممتد أمام أنظار العابرين على الطريق الدولي يشق امتداده من أقصى دول مجلس التعاون الخليجي شرقاً مروراً بهذا الموقع لتصل آخر تخومه إلى أطراف أوروبا غرباً ويقطن هذه المساكن المتناثرة سكان معظمهم من القبائل النازحة يمتهنون العمل في تربية وتسويق الأغنام. تجار.. وممنوعات على الرغم من قرب هذه المساكن للمدينة، إلا أنها محرومة من أبسط مظاهر المدنية، حيث تفتقد أدنى الخدمات وأبسط وسائل السلامة والأمان ولم تشفع لهذه الأحياء قربها من مدينة حفرالباطن التي تبعد من جهة الغرب مسافة لا تتعدى 500 متر، غير أنها تُعد خارج مخطط بلدية المحافظة فهذه الهجر مهملة من الجهات المعنية ومظلمة ليلاً، ولا تخلو من استغلالها من قِبل ضعاف النفوس كمخابئ للمتخلفين وتجار السموم والممنوعات الأخرى ما أجبر بعض الساكنين بعد أن حلت بهم المصائب، للهجرة على مضض، ورغماً عنهم والاستئجار داخل المدينة بسبب عدم اهتمام المسؤولين ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لهذه الشريحة من المجتمع التي بدأت معاناتهم منذ أكثر من 50 عاماً وهم على هذه الحالة المزرية. الخدمات غائبة يقول راشد عايد الشمري – من سكان الصنادق – بكل حرقة: إن ما يؤلمنا نحن المواطنون ساكنو هذه الصنادق تفاوت نظرة المسؤولين لوضعنا الذي نعيشه، فجميع الخدمات الضرورية لم تصلنا. وقال: نكابد الصبر والحرمان من عنصر الحياة الرئيس وهو المياه الحلوة التي نفتقدها دائماً إضافة إلى المياه العادية التي لا نستغني عنها، فنحن محرومون منها ولم تصلنا على الرغم من أننا ندفع جميع الأتعاب. مشيراً إلى أن ما يعيق وصولها هو وعورة الطريق وافتقار هذه الهجر إلى الصرف الصحي والإهمال الصارخ للنظاقة، وما تشكله من المخلفات والنفايات وما تسببه من الروائح المزعجة من جراء فوضوية وعدم التنظيم، فالواصل إليها مفقود والخارج منها مولود.وقال الشمري: كثيراً ما تعيق وصول فرق الدفاع المدني إلى الموقع الذي تضرر سواء من الحرائق أو إثر تماس كهربائي من أسلاكه المنتشرة على الأرض بين المساكن بصورة يُرثى لها. وقال: لا شك أن ذلك يؤخر من معالجة الحدث بالسرعة المطلوبة. وأضاف: على نفس الشاكلة تواجه فرق الإنقاذ الصحي في حالة وجود مصاب أو مريض يحتاج إلى عناية وعلاج مستعجل، وكذلك من الناحية الأمنية لا توجد دوريات باستمرار، فكثيراً ما تضبط هذه الأجهزة عديداً من المواد الممنوعة وغيرها من المحظورات، الأمر الذي أصبح وبصورة مُلحة يحتاج إلى زيادة المراقبة والمتابعة لتلافي ما لا يحمد عقباه من أمور تشغل الأجهزة الأمنية وتقلقها. وأضاف الشمري قائلاً: ما يساهم في التخفيف من هذه الأمور هو تنظيم الممرات بين المساكن ووضع الإنارة اللازمة، أما في موسم الشتاء فيكشف مدى القصور والمعاناة التي يتكبدها الأهالي الساكنون بسبب غياب الخدمات والتنظيم، الأمر الذي يجعل المستنقعات الآسنة نافذة روائحها لفترة طويلة. وفي فصل الصيف فالحديث يطول والمشاهدة تكون أكبر برهان، حيث الغبار يغطي الأجواء ويمتلئ المنزل في كل جوانبه وزواياه إلى طبقات من الأتربة بما فيها الأطعمة والأواني بأنواعها المستعملة في الغذاء، وما إليها وتعكير مياه الشرب إضافة إلى الملبوسات وجميع الحاجات الأخرى داخل المنزل وخارجه، وما يتعرض له الأطفال وكبار السن من جراء الرياح المحملة بالأتربة والغبار في هذه المواقع. التخطيط العمراني أما المهندس عبدالله الفرحان فيؤكد أن ظهور مثل هذه التجمعات السكنية العشوائية عائد إلى أسباب عدة منها، تخلف التخطيط العمراني مقابل النمو السكاني المتسارع للسكان، وتوسع العمران داخل المدينة وعدم الالتفات إلى ساكني هذه التجمعات (العشيش والصنادق) المنازل المبنية من الخشب والشينكو وكذلك بيوت الشعر والخيام وما يحصل لها من أضرار لعدم توفير الخدمات الضرورية لها إضافة الى إهمالها وعدم مراقبة البلدية وبدون علم، أو التهرب من المسؤولية من قبل مكتب شركة الكهرباء في المحافظة.وتابع الفرحان قائلاً: يعاني سكان هذه التجمعات من تمديد الأسلاك الموصلة للتيار الكهربائي من محول كهرباء أنشأ بصورة عشوائية وغير آمنة، وعدم توفر أبسط وسائل السلامة نصبه أحد المستثمرين المحليين يتحمل صاحب المسكن تكاليف قيمة الأسلاك وعمل توصيلها مقابل دفع مبلغ 400 ريال شهرياً على شكل فترات خلال اليوم ويقطع التيار الكهربائي بعد منتصف الليل لتعيش هذه المساكن في ظلام دامس وتبقى الإسلاك مبعثرة بين المساكن على وجه الأرض دون تغطيتها أو إخفائها أوتغليفها من عبث الأطفال أو مياه الأمطار، وتكون معرضة للخدش أو القطع الذي يساهم في حدوث مشكلات خطرة أحياناً، مشيراً إلى وجود سابقة حوادث من هذا النوع، منها إصابات مؤثرة أدت إلى الموت، حيث لقت طفلة في السنة الثالثة من عمرها حتفها قبل سنة إثر تعرضها لصعقة كهربائية من عشوائية تنظيم الأسلاك. خارح النطاق وأمام ذلك فقد أكد مصدر مسؤول في بلدية حفرالباطن أن مساكن الصفيح تُعد خارج التخطيط العمراني والبلدية غير مسؤولة عن تقديم الخدمات لها، مشيراً إلى أن هناك لجاناً تشكل باستمرار من قبل البلدية والدفاع المدني والكهرباء والتعليم، للاطلاع على مشكلات هذه الأحياء ومحاولة معالجتها، وعلى الرغم من أن هذه التجمعات خارج نطاق العمران إلا أن البلدية قدمت جهودها تجاه هذه المساكن. تصحيح المدارس من جهته أكد مدير التربية والتعليم في حفرالباطن عايض الرحيلي أن مدارس العشيش تجد اهتماماً وعناية كبيرة جداً وهناك خطة لتصحيح وضعها ورفع مستوى خدماتها وقال ل «الشرق» سبق أن أشرنا إلى أن مدارس العشيش تُعد من أولويات الإدارة سواء على مستوى البنين والبنات. أسلاك ممددة بشكل عشوائي