جدة – عبدالعزيز الساحلي «مؤسسة التدريب التقني والمهني» تتوسَّع في التعليم عن بُعد من خلال عشرين كلية ومعهداً. «حافز» يشترط على مستفيديه حضور التدريب الإلكتروني الإلزامي لتعزيز التوظيف. التدريب الإلكتروني يفوق القيمة المستثمرة فيه بأكثر من عشرين ضعفاً. الجامعات تخصص بوابات للتعليم عن بُعد ومصادر إلكترونية متنوعة للتدريب. لم يعد التدريب الإلكتروني والتعليم عن بُعد رفاهية، بل هو صناعة تدرُّ في جانب منها أرباحاً ضخمة، وذراع طولى لمؤسسات التعليم والتدريب للوصول إلى فئات لا يمكنها الحضور في قاعات الدرس التقليدية، ربما لانشغالهم أو لصعوبات في الوقت المتاح أو التنقل وغيرها. ولجأت مؤسسات تعليمية سعودية عديدة إلى هذا الخيار بكثافة وأصبحت لديها منظومة إدارية تتحكم في هذه المشاريع التدريبية وتديرها بمهنية عالية. لكن الأمر لا يقتصر على الجهات التعليمية الرسمية، بل تعداه إلى التعليم الأهلي، ولم يعد يقتصر على العمل المؤسسي، بل أصبح يباشر أيضاً أفراداً لديهم خبرات متنوعة في التدريب والتعليم، استطاعوا من خلالها جني أرباح كبيرة والتوسع في مشاريعهم التدريبية. وفي الوقت نفسه، وكما توجد جهات معتمدة للتدريب والتعليم عن بُعد وموثوق من مصداقيتها، لم يخلُ الأمر من بعض أنماط الغش والاحتيال كأي مجال يدرُّ ربحاً. تدريب تفاعلي وتعد المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني من أشد الجهات التعليمية في المملكة تحمساً لفكرة التدريب الإلكتروني، حيث ترى فيه عدداً من المميزات، منها أن المتدرب يكون هو المتحكم في العملية التدريبية، فيما يكتفي المدرب بتوجيهه. كما يشارك المتدربون في العملية التدريبية بإيجابية ويتلقون المعلومات بالطريقة التي يريدونها وفي الوقت والزمان المناسبين لهم، ويتيح نوعاً من التفاعل بين المتدربين والمدربين، ويستخدم كل ما هو متاح من وسائل مساعدة وأنماط تدريبية مختلفة، فيما لا يتاح للتدريب التقليدي أغلب هذه المميزات. وتتيح المؤسسة برامج للتدريب التفاعلي باقة من الأدوات التي تيسر التدريب عن بُعد للراغبين فيه، عبر وسائط إلكترونية متنوعة تشمل الأقراص المدمجة وشبكة الإنترنت بأسلوب متزامن أو غير متزامن وباعتماد مبدأ التدرب الذاتي أو التدرب بمساعدة مدرب. وتعتمد المؤسسة في التدريب عن بُعد خمسة أنماط تتباين في أساليب التدريب والأدوات المتاحة فضلاً عن الخطة التدريبية ومواعيد الامتحانات والقدرات المفترضة في المتدربين. وتعتمد المؤسسة على أربعين مركزاً تدريبياً، بينها عشرة مراكز نسائية من خلال عشر كليات تقنية وعشرة معاهد عليا للبنات. ميزانيات ضخمة للتدريب وليد المزين ويرى وليد المزين، المدرب في المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، أن التدريب عملية مستمرة يتم من خلالها تزويد المتدرب بالمعلومات والمهارات اللازمة لجعله قادراً على أداء مهام محددة بشكل أفضل. ويبين أن ذلك النشاط يهدف إلى رفع كفاءة الأداء وتحسين سلوك الأفراد وتحقيق الأهداف المرحلية والكلية للمنظمة من خلال تطوير قناعاتهم وتوجهاتهم وتطوير معلوماتهم ومعارفهم ومهاراتهم وقدراتهم. وقال إن التدريب الفعال يختلف عن التدريس الذي يعتمد على التلقين والحفظ فقط. وقال إن التدريب في مجتمعنا له أبعاد كثيرة، منها البعد المادي، وهناك ميزانيات ضخمة تنفق على بنود التدريب، ولكن رغم ذلك لاتزال العملية التدريبية بحاجة إلى كثير لكي تجني ثمارها. ويضيف لقد أطلت علينا برامج التدرب الإلكتروني في بعض المواقع الإلكترونية وأقل ما يُقال عنها إنها برامج دعائية وترويجية تهدف إلى الربح المادي فقط، وأصبحت تجارة رائجة من قِبل أصحاب مراكز التدريب وتسويق برامج تطوير الذات وصقل المهارات وتركز على المهارات الفكرية. أربعة أصناف للمتدربين وتختلف أصناف المتدربين على أربعة، فمنهم من يفضلون قراءة المادة الدراسية ومن ثم يحتاجون إلى مقررات للمادة وهم الأقل استفادة من التدريب الإلكتروني. ومنهم من يفضلون مشاهدة صور ورسوم بيانية ويعتمدون عليها في التذكر والفهم وهم من الشرائح المستهدفة من قِبل الحقائب الإلكترونية. أما النمط الثالث منهم فهم يفضلون سماع شرح المادة التدريبية وهم الأكثر إقبالاً على القاعة التدريبية والاعتماد على المدرب في إيصال المعلومة، ويستفيد هذا النوع من تقنيات التدرب الإلكتروني وخاصة المحاضرات المسجلة. أما النمط الرابع منهم فيفضلون القيام بالتجربة بأيديهم وملاحظة نتائجها، وهذا النوع مستهدف من خلال برمجيات المحاكاة والمعامل الافتراضية. من متطلبات الحياة ويقول طارق أحمد، طالب جامعي، إن التدريب الإلكتروني أو التجريب عن بُعد، أصبح أحد متطلبات الحياة، وفيه من المميزات شيء كثير، فبإمكانك التواصل مع الخبرات العالمية والاستفادة منها عن طريق الإنترنت، ومن خلال جهاز الحاسب الخاص بك، ودون أن تغادر بيتك. وأصبح بالإمكان التخصص في أي مجال ودراسة أي من المقررات الدراسية في شتى العلوم النافعة. ما يعالجه التدريب الإلكتروني ويعالج التدريب الإلكتروني كثيراً من مشكلات التدريب التقليدي خاصة للموظفين، كالحاجة إلى الوقت والجهد والتكاليف التي قد تتضمن سفراً وإقامة وإجازة من العمل. أما التدريب الإلكتروني، سواء المتزامن (أي عن طريق الإنترنت والاتصال الفوري مع المدرب)، أو غير المتزامن (وهو عن طريق الأرشيف الإلكتروني للمواد التدريبية)، فإنه يسمح للمتدرب أن يراجع المادة التدريبية أكثر من مرة، وأن يجد من المواد المساعدة والوسائل التوضيحية ما يمكن أن يجيب عن أسئلته واهتماماته، ويقدم للمتدرب عديداً من المزايا التفاعلية وإمكانية التعلم والتدرب في الأوقات المناسبة له. وأثبتت دراسة أجرتها شركة IBM على موظفيها أن العائد على الاستثمار في التدريب الإلكتروني فاق 23 ضعف القيمة المالية التي استُثمرت فيه. أرباح جيدة أمين إمام وفي السياق ذاته، يقول أمين إمام، مدرب تنمية بشرية، أعمل في مجال التدريب الإلكتروني من خلال الإنترنت وأجني أرباحاً جيدة منه، مؤكداً أن 40% من المتدربين يتواصل معهم عبر الإنترنت. ويؤكد أمين فعالية التدريب الإلكتروني أنه لا يختلف كثيراً عن التدريب المباشر من خلال القاعات التدريبية. وعن سبب لجوئه إلى الإنترنت لممارسة عمله المفضل وهو التدريب، يقول أعمل من خلال الإنترنت لسببين، الأول لأني أجني منه أرباحاً مادية جيدة تضيف لي مصدراً للدخل، مستثمراً خبرتي في تعليم أناس آخرين بعض المهارات والعلوم، خاصة حين يصعب جمعهم في مكان واحد، أو تحول ظروفهم دون هذا التجمع، ما يجعل التعليم والتدريب عن بُعد هو الأنسب لهم. والثاني هو أن التدريب الإلكتروني مجال خصب للعمل، وأرى أن له مستقبلاً مبشِّراً وواعداً. التربية وتطوير المعلمين وطورت وزارة التربية والتعليم نظاماً للتدريب الإلكتروني للمعلمين يتيح للمعلم استعراض البرامج التدريبية المتاحة له في المراكز التدريبية التابعة للتدريب التربوي، إضافة إلى البرامج التي تنفذ من قِبل الجامعات كدبلومات الإدارة المدرسية، والإيفاد لدراسة الماجستير والدكتوراة محلياً ودولياً. إضافة إلى ما يتيحه النظام للمعلم من مشاركة فاعلة في تحديد احتياجاته التدريبية التي ستكون بمشيئة الله في محل العناية الكاملة من القائمين على التدريب التربوي بما يلبي احتياجات ورغبات العاملين في الميدان التربوي. زيادة الخبرة وتطوير الذات كوثر إسماعيل تقول المعلمة كوثر إسماعيل، العلم نور، وكلنا في بوتقة معارف، لكن المهم مَن يحصد ما يفيده علماً ومعرفة؟ وتضيف قائلة إن المهم في أي عملية تدريب، سواء كانت إلكترونية أو تقليدية، هو زيادة الخبرة والمعرفة لدى المتدرب، لكن في الوقت الراهن أصبح الربح المادي والمتاجرة هو الأكثر تداولاً في عصر الإنترنت، واختلط الأمر بالغش والخداع والتضليل، كونه لا يوجد عنوان دائم أو معلومات تتيح تواصلاً أفضل مع الطرف الآخر. وأكدت كوثر أنها كمعلمة تهتم بتدريب وتطوير الذات، وتحرص على تطوير مهاراتها. وقالت ليس المهم أن أكون مدربة على الملأ، فقد أكرمني الله بالقدرة على تطوير كثير ممن أعلمهم، مشيرة إلى أن الناس مختلفون فيما بينهم من حيث القدرة على الفهم والإدراك، ومن ثم يحتاج كل منهم إلى طريقة معينة يتلقى بها معارفه وخبراته. مدينة جامعية ذكية أما جامعة الملك سعود، فقد قطعت شوطاً طويلاً في التعليم الإلكتروني، ومن ذلك مشروع المدينة الجامعية الذكية، التي أتاحت من خلالها تقنيات للتعليم الإلكتروني وأنظمة للتحكم والمساندة. كما اعتمدت أنظمة إلكترونية عديدة، منها إدارة التعليم، والمحتوى، والمجتمع التعليمي، والفصول الافتراضية والجوال التعليمي والرسائل المباشرة وأدوات التأليف الصوتي. ونجحت الجامعة في تدريب 3641 من أعضاء وعضوات هيئة التدريس، فضلاً عن 2255 من الطلاب والطالبات. منظومة البلاكبورد وتعتمد جامعة الملك فيصل نظام «البلاكبورد» في التدريب الإلكتروني من خلال عمادة التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد. وتخصص الجامعة بوابة للتعليم عن بُعد تتيح خدمات للطلاب والأساتذة وتقدم دليلاً بكيفية الدخول المباشر على المحاضرات والمشاركة فيها وآليات التسجيل والمشاركة في المنتديات، وغير ذلك. تدريب إلزامي من ناحية أخرى، يعتبر صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) حضور التدريب الإلكتروني الذي يتيحه برنامج «حافز» إلزامياً على كل المستفيدين من هذا البرنامج، وهو تدريب يستهدف دعم التطوير الذاتي، يقدمه برنامج «حافز» للمساعدة في صقل مهارات ومعارف الباحثين عن العمل، أملاً في تحسين فرص العمل المتاحة أمامهم. تجربة ويروي فيصل مليباري تجربته مع التدريب الإكتروني، حيث ذكر أنه اطلع ذات مرة على إعلان عن دورة إلكترونية، وسجل فيها، لكن سرعان ما تسلل إلى نفسه الملل بعد أن بدأت الدورة، فهو لا يرى المدرب ولا يتواصل معه بشكل فعال، خصوصاً أن هناك عدداً كبيراً من المتدربين داخل القاعة، ففضل الانسحاب منها وعدم العودة إلى التدريب عن بُعد مجدداً.