كثُرت ظاهرة تجمع المحتسبين أصحاب البشوت غير الرسميين في جميع الاحتفالات الوطنية. وتسامح الدولة معهم مع أنهم يتجاوزون مؤسسات الدولة الأمنية ويتجاوزون هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي الجهة الرسمية للحسبة جعلهم يتجرأون قبل أيام بأن يتجمعوا أمام الديوان الملكي في جدة بصفتهم محتسبين وأنهم يمثلون الأمة في إنكار قيادة المرأة للسيارة. وهم في الحقيقة لا يمثلون أحداً ولا بد أن يراعوا مؤسسات الدولة سواء التشريعية أو التنفيذية. لأن تجمعهم هذا يسيء إلى هيبة الدولة التي لها قنوات تشريعية يُناقش فيها مثل هذه المسائل. ثم هم ينكرون على أمر اجتهادي اختلف فيه علماء المسلمين بين مؤيد ومعارض. والقاعدة الشرعية تقول لا إنكار في مسائل الاجتهاد. ومنعهم ليس من باب مصادرة حرية الكلمة ولكن طريقة التجمع وادعاء أنهم يمثلون كل المجتمع وأن المخالف لهم في هذه المسألة إما تغريبي أو علماني هو تهجم على الناس ومصادرة لآراء كثير من أبناء الوطن. لذا لا بد من أخذ الحذر من استمرار تجمعات المحتسبين غير الرسمية وإلا ازدادت خطورة الأمر ولشاهدنا يوما ما لا سمح الله تجمعا مشابها لتجمع رابعة العدوية في مصر. الاحتساب لابد أن يكون فقط في يد رجال الهيئة أما ما عداهم فيمنعون بالقوة الجبرية لكي لا تتفاقم هذه الظاهرة ويصعب علاجها واحتواؤها. أما حرية الكلمة فلن يصادرها أحد فوسائل الإعلام التقليدية والحديثة متاحة للجميع ولكن ما يجب أن يُصادر ويمنع هو التجمهر وادعاء تمثيل الشعب اللذان هما وصفة للفوضى والانتقاص من هيبة الدولة. وأما مسألة قيادة المرأة للسيارة فلابد أن تُناقش تحت قبة مجلس الشورى لا أن تُناقش في الشوارع والتجمهر أمام مؤسسات الدولة؛ لأنها مسألة تحتاج إلى أن تُدرس من خبراء شرعيين واقتصاديين يقررون ما إذا كان الأفضل السماح للمرأة بالقيادة أو عدمه.