المدينة المنورة – عبدالرحمن حمودة الحقيقة واحدة.. والكلام المرسل والمعمَّم لا يحقق مطلباً لم أعتمد في تعيين الموقع على حديث كبار السن فقط مطابقة المسميات الحالية وما ورد في المصادر يكفيان لإضاءة الحقيقة طالب مدير إدارة المتابعة في إمارة المدينةالمنورة، أحمد شهوان، الدكتور تنيضب الفايدي بتحديد موضع جبل شوران، حتى يسهل معرفة حرة شوران، مشيراً إلى أن الحرة محيطة بالجبل. تنيضب الفايدي وبدا شهوان، في تعقيب له على ما ذكره الفايدي ونشرته «الشرق» في عددها الصادر في السابع من سبتمبر الماضي، تحت عنوان الفايدي: «شهوان اتخذ طريقاً خطأً باعتماده على كبار السن في تحديد معالم (حرة شوران)»، واثقاً مما قاله سابقاً عن موقع الحرة، وقال: «لن يستطيع (الفايدي) أن يأتي بغير ما أتينا به؛ لأن الحقيقة لن تكون إلا واحدة، أما الكلام المرسل والمعمم والتعمية فلا تُحقق مطلباً»، مجدداً تأكيده على أن الحديث في هذا الأمر، هو حوار بين أشخاص، مجردين من مناصبهم الوظيفية، «لما في ذلك من إساءة قد يقصدها ضعاف النفوس». أحمد شهوان واستهل شهوان تعقبيه بقوله: «اطلعتُ على لقائكم مع الدكتور تنيضب الفايدي الجهني المربي الكبير، مدير عام التعليم في منطقة المدينةالمنورة سابقاً الباحث والمؤرخ في تاريخ المدينة، فرأيت لزاماً عليَّ أن أُوضح (بعض النقاط)»، مبيناً أنه لا يرغب في الرد على الفايدي «بأسلوبه، فقد عرفت هذا الأسلوب منه، مع كل معارضيه»، ولا ينوي «الخوض في المغالطات». ودعا شهوان، في حديثه، الفايدي إلى قراءة ما نشر عن «حرة شوران» على مواقع تحت عنوان «ما هكذا يا سعد». رمي وخلط وقال: «أمَّا رده هذا (ما ذكره فيما نشر في «الشرق») فلم يظهر علينا به إلا بعد… أشهر وبلا محصلة علمية، سواء الرمي بالتهم، وخلط الأقوال بجمل غير مفيدة وقفت أمامها والله محتاراً؛ لأنها لا تحمل دلائل موثقة تحدد حرة شوران وتدحض أقوالي بما يقتنع بها القارئ، مستغلاً فرصة الفترة الزمنية الطويلة لنشر المقال، آخذاً في اعتقاده أن النسيان قد طواه، ويسرد مسميات كُتُب كأنه يستجهل القارئ بأن لديه كثيراً من المراجع، لكي يوهمه، وظناً منه أنه بنهجه هذا يقنعه»، مضيفاً: «نريد أن ينقل لنا ما جاءت به هذه الكتب بتحليل جدير بالقناعة والقبول، وليته أتى بما يفيد حتى ولو نال منا». وأشار شهوان إلى أن «الواجب علينا -كُتَّاباً أو باحثين- ألا يعرفنا الناس بما نقول؛ لأن في هذا طلباً للشهرة والسمعة، ولكن نريد أن يعرفوا الحقيقة فيما نقول، والتمسك بالرأي الخطأ ضلال، وجهل، وعمى». مصادر ووقوف وشدد على أنه اعتمد في تحديد «حرة شوران» على مصادر اطلع عليها، وهي كتب ومراجع، ووقوفه على بعض الأماكن التي وردت في هذه المصادر، والاستماع إلى من فيها من كبار السن الذين تتوفر لديهم معلومات تساعد في الدلالة على المواقع، مشيراً إلى أن «المصادر وحدها لا تفي، بل قد تضلل»، موضحاً «نجد أحياناً أنها تحمل غموضاً، أو معلومات غير دقيقة، يتم تناقلها بين المؤرخين، فمثلاً إذا ارتكب عرام خطأ تبعه ياقوت ومن بعده المجد ومن بعده الحميري والسمهودي وكذا المراغي، وغيرهم كُثر، في هذا الخطأ؛ لأن كل واحد ينقل من الآخر هذا الخطأ، ثم يأتي الباحثون المتأخرون ويتبعون هذه النهج ويعتمدون على هذه المصادر». مطابقة مسميات وقال: «قمت بمطابقة ما بقي من مسميات في الوقت الحاضر على ما ورد في تلك المصادر، وهي تكفي للإضاءة على الحقيقة أو توصل الأخوين إليها ومنها أقول: (إن حرة شوران وجبلها تقع في شرق المدينةالمنورة وقد يميل قليلاً جداً نحو الجنوب)، وليست هي الحرة الشرقية المعروفة، أو حرة قريظة التي هي جزء من حرة واقم من تسمية الكل بالجزء، وإذا قيل لماذا وعلى أي شيء استندت؟ أقول على الآتي متجنباً الإطالة والاقتصار على ما يجزي لتوثيق المعلومة دون سرد كل ما يدعمها»: أ- يقول البكري (ت 487) في معجمه ما نصه: «ومَن أمَّ المدينة من بطن نخل (الحناكية وهي شرق المدينة طبعاً) وهي من القرى الحجازية، فإن الطريق تكتنفه ثلاثة أجبل، أحدُها ظلم (معروف الآن بأظلم) وهو جبل أسود شامخ لا ينبت شيئاً، وحزم بني عوال، وفي حزم بني عوال مياه وآبار منها إلية الشاة، وبئر الكدر، وبئر هَرْمة، وبئر السدرة وفيه السد ماء سماء والقرقرة: ماء سماء واللعباء: ماء سماء لا تنقطع وهذه القررة التي تنسب إلى الكدر يقال لها قررة الكدر. وشوران هو المطل على السد، وليس على هذه الجبال نبت إلا شوران، وفيه ماء سماء يقال له البحرات فيه سمك أسود بقدر الذراع أطيب ما يكون، وحذاء شوران جبل يقال له ميطان» (ما بين الهلالين إيضاح من شهوان). وما هو باق الآن على مسماه ويهمنا هرمة، والحزم، والسد المطل عليه جبل شوران، وهي على طريق الحاج العراقي القاصد المدينة، وهناك علامات لهذا الطريق ما زالت آثارها باقية لمن أراد الوقوف عليها، وهي في شرق المدينة بما فيها السد وجبل ميطان الذي يشير البكري إلى أنَّه مواز لشوران باق على هذا المسمى. ب- أورد الواقدي في المغازي، كما أورد ابن سعد في الطبقات عند الحديث عن غزوة قررة الكدر وذات الرقاع، وكلا الموقعين في الشرق، وأنَّ الرسول – صلى الله عليه وسلم – قسَّم الغنائم في صرار، وفي ذات الرقاع مرَّ على صرار، وصرار شرق المدينة على ثلاثة أميال منها. والقبائل التي غزاها منازلها شرقاً. كما جاء في غزوة السَويق من أن أبا سفيان سلك الطريق النجدية، وأنَّ الرسول – صلى الله عليه وسلم – خرج يطلبه حتى بلغ قررة الكدر. وقررة الكدر هو قاع حضوضى؛ لأن القرقرة في اللغة القاع المستدير أو وسطه والقاع أجرد لا نبت فيه ولا حجارة، وإنَّما طين في أرض منخفضة تتجمع فيه مياه الأمطار. وهذه المواضعُ التي وردت وإن لم يكن فيها -إذا انفرد بعضُها عن بعض- دليلٌ على موضع شوران، إلا أنه في تعاضد بعضها مع بعض دليل على موضعه يدعو للقناعة به ومؤشر جدير بالاستجابة له ولا يمكن أنْ نصمَّ الأذن عنه. كتب شاهدة وقال شهوان: «هل يرى القارئ في كلامي هذا أنَّني اعتمدت على كبار السن في تحديد موقع شوران؟ ثم هل اعتذاره للمؤرخين الذين أوردهم في مقابلته في محله؟ هذه كتبهم شاهدة عليهم، كل مؤرخ ينقل ممن قبله نصاً وبالحرف حتى حرف الجر ينقله كما هو، ولا يستبدله بحرف آخر ولو كان الحرف الآخر أكثر دلالة، وبعض هؤلاء المؤرخين قد لا يعرف المدينة أو مرَّ بها مروراً، فهل كل أصحاب المعاجم وقفوا على كل ما أوردوه في معاجمهم؟»، مناشداً الفايدي أن يحدد «موضع جبل شوران، ويقول هذا جبل شوران، ومن ثم يسهل معرفة حرة شوران، فهي بلا شك محيطة به. وأقول بكل ثقة إنه لن يستطيع أن يأتي بغير ما أتينا به؛ لأن الحقيقة لن تكون إلا واحدة، أما الكلام المرسل والمعمم والتعمية فلا تُحقِّق مطلباً». واختتم شهوان تعقيبه بتوجيه كلامه للفايدي قائلا: «لن نكون حُطَّاب ليل ولا مجرد نُقال، وما توفر لنا أكثر مما توفر لمن قبلنا، والترفع عن القول غير المفيد سمة العقلاء، ولدينا ألسنة وبأيدنا أقلام ولكن لا نسخرها إلا بما هو مفيد». صورة لما نشرته «الشرق» في عددها الصادر في السابع من سبتمبر الماضي