المدينة المنورة – عبدالرحمن حمودة المصادر وحدها لا تكفي.. والتدارك الآن ممكن دعا مدير إدارة المتابعة في إمارة منطقة المدينةالمنورة، أحمد شهوان، أمين منطقة المدينةالمنورة، الدكتور خالد طاهر، إلى التأكد من موقع «حرة شوران»، لأنه إذا ثبت أن ما يسمى مخطط شوران في غير موقعه الحقيقي فسيترتب على ذلك مغالطة كبيرة وعظيمة، وطمس لمعالم وتاريخ حرة شوران. أحمد شهوان وأكد شهوان، في حديث ل»الشرق»، أن تدارك الحال الآن ممكن، فالصكوك التي على المخطط وثائق يعتمد عليها الباحثون في الأعوام المقبلة، وسترسِّخ لدى الناس أن موضع شوران هو شوران الحالي الذي فيه المخطط، «فنحمل نحن -أهل هذا العصر- هذا الوزر»، وأعني كل مَنْ في استطاعته أن يصحح. أتى ذلك تعقيباً من شهوان، من موقعه كباحث مطلع على تاريخ المدينةالمنورة، على السجال التاريخي والعلمي بين الباحثين، الدكتور تنيضب الفايدي، وعبدالله الشنقيطي، على صفحات «الشرق» حول موقع حرة شوران في المدينة. أدبيات الاختلاف وانتقد شهوان ما وصل إليه السجال بين الباحثين، وقال: «الأخَوَان تخطيا في اختلافهما بالرأي حداً بلغا به الجدل، والتخاصم، وتبادل التهم، والتراشق بالعبارات، حتى تجاوزا أدبيات هذا الاختلاف، وبَعُدتْ الاستفادةُ، وخرجا عن الهدف المنشود». مصادر الواقع وحول مصادرة، قال شهوان: «أعرف مواقع ما يدخل في نطاق إشراف منطقة المدينةالمنورة معرفة جيدة، وأستطيع الوصول إليها، وإلى مَنْ فيها من كبار السن الذين تتوافر لديهم معلومات تساعد في الدلالة على المواقع، لا لكوني باحثاً، ولكنْ في حكم عملي الذي يزيد على ثلاثين عاماً محققاً وباحث قضايا، ومشاركاً في اللجان التي تعقد للنظر في الخلافات على الأراضي، والنزاعات القبلية على المدارك والأودية والآبار، وهذا إلى جانب ما هيأه لي التنقل بين الهجر والقرى ومعرفة الأودية والجبال، فالمصادر وحدها لا تفي، بل قد تضلل، فنجد أحياناً أنها تحمل غموضاً أو معلومات غير دقيقة يتم تناقلها بين المؤرخين، فإذا ارتكب عرام خطأ تبعه ياقوت، ومن بعده المجد، ومن بعده الحميري، والسمهودي، وكذا المراغي، وغيرهم كُثر في هذا الخطأ، لأن كل واحد ينقل من الآخر هذا الخطأ، ثم يأتي الباحثون المتأخرون ويتبعون هذا النهج، ويعتمدون على هذه المصادر». تاريخ مقارن وزاد شهوان «قمت بمطابقة ما بقي من مسميات في الوقت الحاضر على ما ورد في تلك المصادر، وهي تكفي للإضاءة على الحقيقة، أو توصل الأخوان إليها، ومنها أقول إن حرة شوران وجبلها يقعان شرق المدينةالمنورة، وقد يميل قليلاً جداً نحو الجنوب، وليست هي الحرة الشرقية المعروفة، أو حرة قريظة التي هي جزء من حرة واقم من تسمية الكل بالجزء». ووثق شهوان ببعض المصادر، وهي كالتالي: - يقول البكري (ت 487) في معجمه، ما نصَه: «ومن أمَّ المدينةَ من بطن نخل [الحناكية]، وهي من القرى الحجازية، فإنَّ الطريقَ تكتنفه ثلاثة أجبل، أحدُها ظلم [معروف الآن بأظلم]، وهو جبل أسود شامخ لا ينبت شيئاً، وحزم بني عوال وهما لغطفان -منهم مطير الآن حسبما أعتقد- وفي حزم بني عوال مياه وآبار منها إلية الشاة، وبئر الكدر، وبئر هَرْمة، وبئر السدرة وفيه السد ماء سماء والقرقرة: ماء سماء والّلَعباء: ماء سماء لا تنقطع وهذه القررة التي تنسب إلى الكدر يقال لها قررة الكدر. وشوران هو المطل على السدّ، وليس على هذه الجبال نبت إلاَّ شوران، وفيه ماء سماء يقال له البحرات، فيه سمك أسود بقدر الذراع أطيب ما يكون، وحذاء شوران جبل يقال له ميطان (وما بين القوسين [ ] إيضاح مني). وما هو باق الآن على مسماه ويهمنا هرمة، والحزم، والسد المطل عليه جبل شوران، وهي على طريق الحاج العراقي القاصد المدينة، وهنالك علامات لهذا الطريق مازالت آثارها باقية لمَنْ أراد الوقوف عليها، وهي في شرق المدينة بما فيها السد وجبل ميطان الذي يشير البكري إلى أنَّه موازٍ لشوران باقٍ على هذا المسمى. - أورد الواقدي في المغازي، كما أورد ابن سعد في الطبقات عند الحديث عن غزوة قررة الكدر، وذات الرقاع، وكلا الموقعين في الشرق، وأنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قسَّم الغنائم في صرار، وفي ذات الرقاع مرَّ على صرار، وصرار شرق المدينة على بعد ثلاثة أميال منها. والقبائل التي غزاها منازلها شرق. كما جاء في غزوة السَويق من أنَّ معاوية سلك الطريق النجدية، وأنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- خرج يطلبه حتى بلغ قررة الكدر. وقررة الكدر هو قاع حضوضى، لأن القرقرة في اللغة القاع المستدير، أو وسطه، والقاع أجرد لا نبت فيه ولا حجارة، وإنَّما طين في أرض منخفضة تتجمع فيه مياه الأمطار. وهذه المواضعُ التي وردت. وإن لم يكن فيها -إذا انفرد بعضها عن بعض- دليل على موضع شوران، إلا أنه في تعاضد بعضها مع بعض دليل على موضعه يدعو للقناعة به، ومؤشر جدير بالاستجابة له، ولا يمكن أن نصم الآذان عنه. أما الأودية، وصدورها أعاليها فهي بلا شك بالنسبة للمدينة فمن الحرار التي تحيط بها وكل حرة تنحدر مياه أمطارها حسب منخفض كل طرف منها شرقاً أو غرباً أو شمالاً ثم سيل كل حرة يجتمع مع سيل الأخرى مشكلاً وادياً، وكلما مرَّ في ناحية تسمى بها، وهذه الأودية يرفد بعضها بعضاً حتى تتجمع كلها في وادٍ واحد هو إضم، نسبة إلى جبل هناك شمال المدينة سمي بهذا الاسم لانضمام الأودية عنده، ولم يعد هناك مسمى لوادي بطحان، أو العقيق، أو قناة، ولا الأودية الصغيرة التي رفدتها. فإذا أخذنا وادي قناة المعروف اليوم بوادي العاقول، وهو أعظم أودية المدينة وأطولها، فروافده وادي الشعبة، وهو من شرف نجد، ويمر من شمال المهد، وله روافده حتى يصب في قاع حضوضى، ووادي نخل الذي يمر بالحناكية فيسمى بوادي الحناكية، ووادي الشقرة، والوادي الحار، وهو وادي الصويدرة، وكل هذه الأودية الثلاثة تجتمع في مكان يقال له المخالط، وتصب في قاع حضوضى فيسمى وادي الخنق (الشظاة)، ثم تذهب هذه الأودية حتى تصب في الحبس (وهو سد العاقول حالياً)، فيمر بين حرة المدينة ووعيرة وأحد شمالاً فيسمى قناة، وعندما يلتقي العقيق وقناة وبطحان يسمى وادي الخليل. صورة ضوئية لإحدى حلقات السجال بين الشنقيطي والفايدي المنشورة في «الشرق» حول موقع «حرة شوران»