تخلَّى الجزائري نفيع عن جميع الأحلام الجميلة، والآمال المنشودة في تكوين أسرة صغيرة مكونة من زوجة وأطفال؛ حيث إن ذلك الحلم تبعثر وانطوى حينما عادت ذاكرته بعيداً إلى سنوات الطفولة التي قضاها في كنف والديه. مستذكراً أن بر الوالدين والإحسان إليهما أحد الأسباب القوية لدخول الجنة. كل هذه الأسباب حالت دون إكمال الشاب الجزائري «نفيع» حلمه الذي راوده لأكثر من 16 عاماً قضاها في الأعمال اليومية الشاقة ما بين حمل وتوصيل أنابيب الغاز ليستقر بعد ذلك في العمل «مَعلِّم شاورما» في الكويت. «الشرق» التقت بوالديه اللذين رفضا التصوير واحترمنا رغبتهما، أما نفيع فلم يكن معهما. وتروي الحاجة «بوجري» لنا قصة قدومهما للحج هذا العام قائلة: «يبلغ ابني نفيع من العمر 39 عاماً قضاها في العمل بالأجرة والكد والتعب، ولأن ابني كان يصرف كل ما يتقاضاه من مال على حاجات المنزل وعلاجنا فلم يكن يدخر شيئاً من المال». وتضيف قائلة: «إلا أن ابني نفيع سافر خلال السنتين الماضيتين للعمل في أحد مطاعم الشاورما في الكويت، وكان يرسل لنا المصروف بشكل شهري، بالإضافة لفتحه لنا حساباً في إحدى البقالات في الحي الذي نسكن فيه، وكان يمنِّي نفسه بالزواج من فتاة جزائرية أحبها لأكثر من 16 عاماً، وبالفعل عاد ابني من الكويت في عيد الفطر الماضي، وكانت السعادة والسرور لا تفارق محياه». وأضافت بوجري في حديثها قائلة: «حينما جمع ابني مبلغاً من المال كان يحلم أن يكوِّن من خلاله بيتاً صغيراً يعيش فيه هو وزوجته التي أحبها وينجب منها أطفالاً، لكن أمراً مفاجئاً حدث حال دون تحقيق ذلك الحلم الذي راود ابني، وقدَّر الله أن يأتي ابني في يوم الجمعة بعد أن أدى الصلاة، وقام بتقبيل رأس والده ويديه وقال: أنا لن أعقد قراني هذا العام، وقد قمت بالحجز لك أنت وأبي لأداء فريضة الحج لهذا العام بإذن الله، مضيفة بقولها: لم نتمالك أنا وزوجي أنفسنا من شدة الفرح والسرور لأننا سنؤدي فريضة الحج لهذا العام بعد أن فقدنا الأمل بعد هذا العمر الطويل في أن نصل لمكة المكرمة ونسقط الفرض الإلهي، ولكننا في نفس الوقت لم تكن فرحتنا مكتملة، لأننا نتألم من قلوبنا لكوننا سبباً في حرمان ابننا نفيع من تحقيق حلمه بالزواج، خصوصاً أن الفتاة التي يحبها كانت تنتظره طيلة السنوات الماضية للعيش معه كزوجة. وبعد أن قام ابني بالحجز لنا، قام أيضاً بدفع مبلغ إضافي لأحد مسؤولي الحملة ليكون معنا مرافقاً ومرشداً ويشرف على ما نحتاجه؛ لأن ابني نفيع لم يستطع القدوم معنا نظراً لعودته للعمل في الكويت حيث سيبدأ مرة أخرى في جمع تحويشة العمر من جديد».