لحظة رؤية الكعبة الشريفة من اللحظات التي يقضي الكثيرون عمرهم يحلمون بها، ويعملون على أن تتحقق ولو قضوا عمرهم يجمعون الدرهم على الدرهم.. فعل ذلك فلاح تركي بسيط قدم من مدينة كوتاهيا هذا العام لأداء فريضة الحج بعد أن ظل يدخر نقوده لأكثر من 43 عاما دون أن يشغله عن تحقيق هدفه أي من متع الدنيا للشباب في مثل عمره. التزم التركي أحمد أريك وصية والده، رحمه الله، الذي أوصاه باثنتين لا ثالث لهما: أولا البحث عن زوجة لبناء أسرة، ومن ثم الذهاب لأداء فريضة الحج، وذلك بعد أن وجد في ابنه الإصرار على أداء الفرائض من صلاة وصوم. ورغم مغريات الحياة في تركيا إلا أن أريك بدأ العمل لتحقيق هدفه ووصية والده منذ ال17 من عمره؛ إذ التزم بأن يكون برنامجه اليومي منحصرا في عمله بالمزرعة دون التفكير في الذهاب إلى المدن حتى للتنزه كأقرانه من الشباب. وعاما بعد عام ارتفعت حصيلته المالية الموزعة بين صندوقين أحدهما للزواج، والآخر للحج؛ فتزوج ورزقه الله الأبناء الذين كبروا وتزوجوا؛ فتحول الشاب إلى رجل، ثم شيخ، لكن تحوله السِّني لم يعفه من الإصرار على جمع تكاليف الحج حتى وجد نفسه قادرا على أداء الفريضة بصحبة زوجته التي شاركته الحياة، فأدخل اسمه ضمن الراغبين في أداء فريضة الحج قبل نحو ثلاث سنوات، لكن الحظ لم يحالفه حينها؛ إذ غاب اسمه عن القرعة؛ فتوجه داعيا ربه أن يرزقه نعمة الحج بعد أن رزقه الأبناء والأحفاد. وشاءت إرادة الله أن يتمكَّن أريك من القدوم إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج هذا العام ضمن حجاج قافلة أنقرة (18)؛ ليصل إلى مكةالمكرمة ويتحقق حلم العمر ووصية الوالد بعد انتظار دام قرابة نصف قرن.