بين ساع ومهرول ومهلل كان يجلس على كرسيه المتحرك في خشوع ترتعش أطرافه وتنهمر الدموع من عينيه الناظرتين إلى الكعبة في خشوع وشوق متمتما بالحمد ودعاء لم نفهم أغلبه. اقتربنا منه وبمساعدة رئيس مكتب رقم(29) بمؤسسة حجاج جنوب آسيا المطوف والمترجم وليد إسكندر الذي أكد لنا أن تلك الحالة كثيراً ما نراها مع حجاج مسنين من دول جنوب آسيا. فقال الحاج سلام عبدالله (77)عاما من أفغانستان إنه قضى أغلب حياته يحلم بتلك اللحظة ويجمع ما تيسر له من المال على مدار عشرات السنين لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام (الحج) وزيارة مسجد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وأضاف أنه لا يمكن أن يصف مشاعره في تلك اللحظة والحالة التي عاشها منذ بدء إجراءات مقدمه إلى البلد الحرام. وبينما كنا نتحدث مع الحاج سلام انضم إلينا عدد من حجاج جنوب آسيا كانت أعينهم تتلألأ بالدموع بعد رؤية الكعبة الشريفة لأول مرة بعد أكثر من 60 عاما من الكدح والعمل من أجل تجميع تكاليف رحلة الحج، حتى تحقق حلمهم ووفقهم الله في أداء فريضة الحج هذا العام في راحة وطمأنينة. وأشاروا إلى أنهم لم يصدقوا أنفسهم وهم يرون الكعبة وأنهم حطوا أقدامهم في رحاب البيت العتيق الذي تهوي إليه الأفئدة ويتجه إليه المصلون في كل يوم خمس مرات وأن الحلم الذي راودهم منذ عشرات السنين قد تحقق وأصبح واقعاً. وبين الحاج إسلام خان (84عاما) أنه ظل طوال 70 عاما مضت يكدح ويعمل ليل نهار من أجل تجميع تكاليف أداء فريضة الحج حتى وفقه الله هذا العام في تجميع التكاليف وتسليمها للجهات المعنية في بلاده لإكمال إجراءات أداء الفريضة، مشيراً إلى أنه حينما وصل إلى العاصمة المقدسة شعر بفرح شديد وعند رؤية الكعبة الشريفة لم يتمالك نفسه من الفرح فانهمرت الدموع من عينيه وسجد لله شكرا عند أول أبواب الحرم الشريف. وقال الحاج شكير حسين (89عاما): إنكم أبناء المملكة محسودون جدا على نعمة الجوار لبيت الله الحرام، فنحن في بلادنا نتوق لرؤية الكعبة وفي كل وقت ولكن الظروف المادية لا تمكننا من ذلك فقد أمضيت 75عاما وأنا أعمل من أجل جمع تكاليف أداء فريضة الحج وكنت أقتر في مصروفي على نفسي وعيالي من أجل ذلك، حتى وفقت هذا العام في جمع قيمة تكاليف الرحلة وكم كنت سعيدا حينما شاهدت الكعبة التي تمسكت بجدرانها وأخذت أبكي شكرا لله الذي مكنني من الطواف ببيته وأداء فريضة الحج. ويتفق الحاجان شاه غلام(75عاما) و نذير محمد(83)عاما على أن أداء فريضة الحج أمنية لكل مسلم فهم يتوقون لأداء فريضة الحج وزيارة الأماكن المقدسة من سنين عديدة ولكن الظروف المادية لم تحقق حلمهم رغم أنهم ظلوا طوال السنين الماضية يعملون بشكل يومي ويدخرون من قوتهم من أجل جمع تكاليف فريضة الحج حتى تحقق حلمهم، وكم كانت سعادتهم كبيرة وهم يرون الكعبة ويلمسون جدرانها، مشيرين إلى أنهما وجدا ترحيبا كبيرا وعناية من أبناء المملكة الذين شرفهم الله بخدمة الحجاج وكانوا يقدمون لهما الوجبات مجانا ويطوفونهما حول الكعبة الشريفة وكانت رحلة الحج ميسورة وسهلة.