الشجرة التي في كتاب الجغرافيا، كانت تضع رأسها على كتفيك، قبيل النوم!! اكتشاف متأخّر. الحزن راية بيضاء في ساعات الهزيمة، قنّاص ماهر يتقن التصويب نحو القلب. الموتى، لم يموتوا أبدا، ما زالوا في ذاكرتنا، وربما أكثر مما لو كانوا أحياء! لا يوجد عمل حقير مادام شريفا؛ نصيحة الأغنياء والمترفين منذ الأزل، للعاطلين والفقراء! عندما يتبدّى وجهك في منتصف القصيدة، يغضّ القرّاء أبصارهم، خوفاً على مصيرهم الجهنمي!! حتى خياراتنا في الحياة، ليست متاحة لنا بشكل كاف.. يا للخيبة. هذا، أفضل بكثير، من حمْل الهزائم كلها. ها قد عرفت أن للكلمات صهيلاً يتصاعد في الأفق بلا أجنحة، أو ألعاب بهلوانية. البوصلة من أوائل الذين تحيّزوا للشمال ضدّ الجنوب!! أشياء كثيرة لا يمكن أن نخطئها حتى في الظلام! تتحول الطفولة إلى فراشة، عندما نتعثر في العتمة، ولا نحسن ابتكار الضوء. تملكون البحر والرمل يا سادتي.. لكن، دعوا لي كتابة قصيدة واحدة عن العطش! أمي.. هل تأكدْتِ أنني لا أتنفّس. لا يعلم أحد بهذا الأمر.. أرجو أن تقسمي لي؟؟ كل سنة، ينظر العيد من نافذته، ويشاهد القرى البعيدة، عزلاء، إلا من مزامير المسرّة. لا تتسلّل خلسة أيّها الليل، طرائدك بين الصحو والغيبوبة، تنتظر الخلاص. أبي.. لا تزال صورتك بالأبيض والأسود معلقة على الجدار، تنظر للسماء البعيدة، ولا تغادر الغرفة إلا لسقْي الزرع. أعرف أنّه عمل مسلّ، للموتى والفلاحين! الآن، تعاقبك اللغة الكاذبة، وتوبخك الذكريات. الليل.. غرق المراكب الآمنة، اشتباك حميم بين الطرقات والمارّة. الليل نصّ مواز للفقد والوحشة. هناك، شجر مدجّج، بالعطش والحنين. تلك الحشود الهائلة من الذكريات، لن تقبض عليها إلا الكلمات. في طفولاتنا البعيدة، سعادات من ورق، تزهر على مدار العمر. ليس في ذاكرتي، غير بكتيريا المدينة، ومطر يتمدد في بهو الغربة. كان أبي يقول: الفقير من لا يكسر السياج في زمن الفجيعة. وجه واحد لليل، الكل يمارس التعسّف في تأويله. الحرية تقتنص طرائدها، دون مباركة من أحد. الكتابة رقصة جنونيّة في حديقة المسرّات، تحوّل المفردات إلى طيور ملوّنة، وكرات تتقافز في الهواء. لا عاصم اليوم لك من دنس الظن، والمجد المزوّر سوى القصيدة. ما بيننا؛ كان شبيهاً بخطأ مطبعي! الفقر.. قطة متوحشة في دولاب الملابس، تنتظر فقط فتح الأبواب. أنا على يقين، أنك لو ذهبت بعيداً، لن ترى الليل!! المستقبل.. سرد حكاية مملّة قبل النوم. الإعلانات التجارية؛ تسوّل الأغنياء المشروع. الحرية.. الهواء الأول الذي تتلقّفه حناجرنا. الرواة مطمئنّون جدّاً، لا نزال نتمدّد في إغفاءة طويلة، على سرير حريريّ! الليل مصطلح مزدحم بالمسخ والوحوش. في هذا الفراغ الكبير؛ تتكسّر مثل كأس، وتتقاذفك الجهات للجهات. لم أقدر على نسيان البهجة، التي منحها لي أبي في ليالي العيد، طعم ما زال مذاقه في فمي حتى الآن. أمام الخرائب الكبيرة، لا يمكننك أن تنتصر على أحد. فرحت كثيراً عندما تعلم ولدي الكلام، واليوم أنا من يعلمه الصمت! لا أعرف شيئاً، أحترم به نفسي، سوى الكتابة. لماذا لا نصدّق أن الأبواب تعرف ما يجري بالداخل!! يا لهذا الليل، لم يعد يكترث به أحد. الحرية خروج للحياة، دون وثيقة سفر. حتى لا تفتك بنا الأوقات، ليس لنا إلا سيف الكتابة، نشهره في وجهها. لا طائل من الانتظار، لا شيء يحدث في هذا العالم، غير الخواء، والتكرار المملّ. الليل يكشف، والنهار يستر!! يا لمفارقاتك أيتها الحياة. هل تشعر تلك الأبواب المهجورة بالملل؟