اشتعلت حربٌ كلامية بين جناحي المؤتمر الوطني الحاكم في السودان بعد رفض جناح الإصلاحيين محاسبة قياداته على رفع مذكرة إلى رئيس الدولة والحزب، عمر البشير، تدعو إلى وقف قمع الاحتجاجات الرافضة لزيادة أسعار المحروقات وإلى تحقيق مصالحة وطنية في البلاد. في الوقت نفسه، منعت قوات الأمن أمس الأحد طلاب جامعة الخرطوم من الخروج في مظاهرة سلمية وأطلقت الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريقهم. ورفض مهندس مذكرة ال31 الإصلاحية، الدكتور غازي صلاح الدين العتباني، ومؤيدوه المثول أمام لجنة التحقيق التي شكلها الحزب لمحاسبتهم على مخاطبتهم البشير خلال الأزمة الأخيرة، في تحدٍ واضح للقيادة الحزبية ما ينذر بانشقاقٍ جديد داخل المؤتمر الوطني، بحسب مراقبين. وشكك غازي صلاح الدين في حياد رئيس اللجنة، أحمد إبراهيم الطاهر -وهو رئيس البرلمان السوداني-، وعضوها حسبو عبدالرحمن، وعاب على اللجنة ما اعتبره إبداء نيةٍ مسبقةٍ للإدانة. وذكَّر صلاح الدين، في رده المعنون لرئيس لجنة المحاسبة والمصدَّر لرئيس الحزب عمر البشير، بأن النظام الأساسي للمؤتمر الوطني لا يمنع أو يجرِّم على أعضائه مخاطبة رئيس الدولة. وأوضح في تصريحٍ نقلته صحيفة «الحرة» السودانية أمس أن الثابت لديه أن سيرة رئيس اللجنة، أحمد إبراهيم الطاهر، في العمل العام تؤكد عدم حياديته ونهجه المعهود في إمضاء القرارات المتخذة سلفاً، قادحاً في اختياره رئيساً للجنة، ومشككاً في قدرته على إقامة ميزان العدل، مشيراً إلى أن عضو اللجنة، حسبو عبدالرحمن، أدان المجموعة مسبقاً بتصريحٍ صحفي أكد فيه أن عقوبات ستتطال الموقعين على المذكرة الإصلاحية. ولفت صلاح الدين إلى أن اجتماع المكتب القيادي للمؤتمر الوطني الذي انعقد بتاريخ 2 أكتوبر الماضي لم يقرر تكوين أي لجنة لمحاسبة الجناح الإصلاحي، وذكر أن بعض الموقعين على المذكرة الإصلاحية كانوا حضوراً فيه. في السياق نفسه، نشر صلاح الدين علي صفحته في موقع «فيس بوك» عدداً من الرسائل ينتقد فيها قرار الحزب بتشكيل لجنة لمحاسبته هو ومؤيدوه، وقال «بداية، ينبغي الترحيب بالمحاسبة مع ملاحظة أنها تأخرت أكثر من عشرين عاماً جرت فيها أحداث جسام كلها جديرة بالمراجعات والمحاسبات». وأكمل «رغم ذلك فإن هذا القرار غير موفق؛ لأنه يختزل مشكلات البلاد في نقطة إجرائية»، وعبر عن أسفه لربط قرار تشكيل اللجنة بين المذكرة الإصلاحية وخطط المعارضة لإسقاط النظام. ونبَّه إلى أن واضعي المذكرة لم يهدفوا إلى إحداث إنشقاق داخل الحزب، لكنه استدرك «الذي يؤدي إلى الانشقاقات هو الصمم عن سماع النصيحة وسد قنوات الحوار واستهداف الآخرين وإطلاق الاتهامات نحوهم دون روّية ولا ورع». وفي اتجاه آخر، أفاد شاهد عيان «الشرق» بمنع قوات الأمن طلاباً في جامعة الخرطوم من الخروج في مظاهرات سلمية حُشِدَ لها داخل الجامعة. وطوَّقت الشرطة مباني الجامعة واستخدمت الغاز المسيل للدموع داخل الحرم الجامعي، وقامت قوات الأمن باعتقال عددٍ من الطلاب في وقتٍ لا تزال الخرطوم تحت سيطرة أمنية واضحة ما أثر على الحراك الأخير. إلى ذلك، صادر جهاز الأمن عدد أمس الأحد من صحيفة «الجريدة»، وقال مصدرٌ ل «الشرق» إن جهاز الأمن صادر 10 آلاف نسخة مطبوعة ومُعدّة للتوزيع من «الجريدة» بتكلفة تُقدَّر بحوالي 30 مليون جنيه سوداني.