شدد الناقد الدكتور سعد البازعي، على أن مفهوم الأقليات في المجتمعات لا تعني القلة بالعدد، بل «بالتأثير والسلطة والقوة وحجم النفوذ الذي تتمتع به أي فئة في المجتمع». وأوضح البازعي، خلال أمسية للملتقى الثقافي في نادي الرياض الأدبي أقيمت مساء الثلاثاء الماضي، أن النساء في المجتمعات العربية والغربية يمثلن أقلية من ناحية النفوذ والثروة ومساحة السلطة السياسية، مشيراً إلى أن التمييز ضد المرأة أوجد حركات نسوية ساهمت في سَنِّ تشريعات ومطالب للدفاع عن حقوقها. وقال إن الإنتاج الثقافي للأقليات يقرِّب إلى طرح الفكر المتطرف الذي يدفع بالمجتمع إلى ليبرالية أكبر، وانفتاح ومساواة أكثر، مرجعاً السبب في ذلك إلى أن الأقليات فئات تبحث عن حرية التعبير، مشيراً إلى أن الخوف من التأثير يجعل الأكثرية تخشى من تأثير الأقلية على المجتمع، وتعمد إلى إبقاء مسافة بينها. وذكر أن التاريخ العربي الإسلامي شهد أقليات متفاوتة في التفاعل مع المجتمعات الحاضنة لها، موضحاً أن «في القرن الرابع الهجري، نشطت جماعة من السريان، وهم مسيحيون يتحدثون الآرامية عاشوا في الدولة الإسلامية في بغداد، ونشطوا كمترجمين، ولا يمكن أن نتجاهل دورهم في تتطور الحضارة الإسلامية، فقد عرَّفوا العرب بالحضارة اليونانية، وهم نموذج واضح لفئة خارج السياق الاجتماعي تعتنق المسيحية وتتحدث بلغة أخرى. وأشار البازعي إلى أن شعور الأقلية كأقلية يمثل حافزاً «للإبداع والتفوق، وهذا يصدق على اليهود، ويصدق على الأقليات التي عملت في سياق الحضارة العربية الإسلامية، بسبب أن الأقلية تخشى الاضطهاد». وشدد على أنه ليس بالضرورة إذا وجد اضطهاد، وجد إبداع، مستشهداً بوجود أقليات تعرضت للاضطهاد، لكنها لم تفعل شيئاً، ومبيِّناً أن الأقلية لا يمكن أن تبدع دون سياق حضاري تندمج فيه.