كان تسلقي جبل اللغة الألمانية شاقاً لانت فيه الكلمات مع الوقت وكشفت عن جمال وجه المعاني. كانت المهمة أمامي واضحة حين غادرت وطني باتجاه ألمانيا للتخصص؛ الإمساك بمفتاح المفاتيح: اللغة. إذا أردت أن تفهم مجتمعا أو تنقل لك ما عندك فالرموز هي اللغة نطقا وكتابة، يبقى بعدها ظلال الكلمات والثقافة الممتدة خارج الألفاظ. منه نفهم قوله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم، بدون لسان ليس من بيان، وبوجود اللسان لا يشترط البيان فهذا هو الجدل المحير في بني الإنسان ولغتهم. تعرفت في ألمانيا على أشهر مجلة عندهم تصدر أسبوعيا اسمها دير شبيجل (Der Spiegel) وتعني المرآة فهي مكونة من مقطعين الأول (Der) هو أداة التعريف، وهي هنا تختلف عن اللغة العربية فعندنا بإدخال ألف لام (ال) يبدأ تعريف الكلمة مثل رجل الرجل وقلم والقلم ودفتر والدفتر وهكذا مع الانتباه لللام القمرية والشمسية. في اللغة الألمانية التعريف ثلاثي للذكر والأنثى والحيادي. وهذا يعني أن كلمة دير شبيجل تعني المرآة وهي أي المرآة مذكرة (شبيجل تعني المرآة في اللغة الألمانية). فهذا ما كان من تعريف المجلة. حاولت في البدء قراءة المجلة ولكن اللغة لم تكن سهلة فتابعت وتعبت حتى لان لي اللسان الألماني قليلا. المجلة تصدر أسبوعياً. حين قدمت المملكة طلبتها بالبريد فضاع معظم أعدادها ثم طلبتها بالبريد الجوي فضاع قسم منها؛ فطلبتها بالبريد الجوي المسجل فوصلت مع نواقص من هنا وهناك. عام 2011 أحصيت النواقص فكانت كارثة! حوالي عشرين عددا مفقودا على الرغم من الجوي والمسجل. أعرف أخلاقيات الألمان جيداً راسلتهم قالوا سنرسل المفقود بدون دفع يرجى إخبارنا للمستقبل بسرعة حين تفقد. لأنني مشترك عندهم منذ أكثر من عشرين عاما فيثقون بما أخبرهم. عندهم الأصل أن الإنسان لايكذب هو مؤتمن حتى يثبت العكس. هذه المجلة الأسبوعية وراءها مؤسسة خرافية. لاتترك بحثا وحقلا وجدولا إلا وأعطت القارئ طرفا منه، لقد غطت أحداث الثورة العربية وتعني بالاقتصاد والطاقة والتاريخ وأجد ما يجد في المخابر العلمية. علته الوحيدة أنها مكتوبة باللغة الألمانية. أظن من يقرؤها في المملكة أعداد قليلة من الناس ممن يتقن اللسان الألماني. بالنسبة لي هي مصدر معلومات غني ودسم وحديث ومثير ومشروح بالصور والبيانات. أتمنى على أي مؤسسة في المملكة أن تقوم بترجمة المجلة وعرضها للقارئ العربي.