تثير الحزمة الثانية من برنامج رفع الدعم عن المحروقات في السودان قلقاً بين المواطنين خشية أن تلقي بأعباء إضافية على الطبقات الفقيرة. وبينما يترقب السودانيون اليوم الأحد قرار مجلس الوزراء بإجازة رفع الدعم، تشهد الخرطوم ارتفاعاً جنونياً في أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية تأثراً بالدعاية التي سبقت إجازة رفع الدعم، وتمثلت في ظهور عددٍ من المسؤولين عبر وسائل الإعلام لتبرير القرار ومحاولة إقناع المواطن بمعالجات اقتصادية مصاحبة لتطبيق البرنامج. إلا أن ذلك عاد بنتائج عكسية أصبحت معها الخرطوم على صفيحٍ ساخن، إذ بدأت مجموعات مقاومة تتشكل داخل وخارج السودان عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمناهضة برنامج رفع الدعم، كما أثارت التصريحات المنسوبة مؤخراً للرئيس السوداني، عمر البشير، ووزير ماليته، جدلاً واسعاً وزادت من موجة الغضب. وبدأت مجموعات من الناشطين والمعارضين حوارات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي حول آليات مقاومة القرار بالخروج في احتجاجات داخل وخارج السودان، بينما شهدت عدة مدن سودانية تظاهرات نددت بقرار رفع الدعم، غير أن السلطات تصدت لها بحسم. وذهب خبراء ومحللون اقتصاديون إلى القول إن الخيار الذي لجأت إليه الحكومة برفع الدعم عن المحروقات غير موفق، واعتبروا أن القرار سيضاعف من نسبة التضخم. ويتوقع الخبير الاقتصادي ومدير مركز إفريقيا للعدالة، الدكتور حافظ إبراهيم، أن يؤثر قرار رفع الدعم عن المحروقات بصورة كبيرة على الطبقات الفقيرة، ويشير، في تصريحاتٍ ل «الشرق»، إلى أن الجازولين على سبيل المثال يعد مدخل إنتاج لكثيرٍ من السلع الأساسية مثل المنتجات الزراعية وكذلك أعمال النقل. ويستبعد حافظ أن تساهم عائدات النفط التي يحصل عليها السودان من رسوم عبور نفط جنوب السودان إلى موانئ التصدير في حل الأزمة، ويصفها ب «الضئيلة للغاية» مقارنةً مع العجز فى الموازنة العامة. وفي السياق نفسه، يرى الصحفي والمحلل الاقتصادي، حسن منصور، أن الحزمة الثانية من رفع الدعم عن المحروقات ستؤثر سلباً وبدرجة كبيرة على الشرائح الضعيفة. وعلى الصعيد الأمني، عادت الرقابة القبلية علي الصحف وحظر النشر في المواضيع المتعلقة برفع الدعم، فيما منعت السلطات أئمة المساجد من تناول تلك المواضيع في خطب الجمعة بداية من أمس الأول. في المقابل، نشطت مجموعات من الناشطين والمعارضين في الداخل والخارج عبر مواقع التواصل الاجتماعي في تعبئةٍ مناهضة للقرار، وزاد من غضب هؤلاء تصريحات نُسِبَت للرئيس السوداني ووزير ماليته الخميس الماضي؛ مفادها أن السودانيين لم يعرفوا أكلات «البيتزا والهوت دوج» قبل مجيء حكومة الإنقاذ. في الوقت نفسه، خرجت تظاهرات محدودة في عددٍ من مدن السودان من بينها مدني (وسط) ونيالا ضد القرارات الحكومية المرتقبة، إلا أن السلطات تصدت لها بالعنف المفرط.