كيف يمكن للإنسان أن يوجد توازنا بين ضغوط العمل والحياة الخاصة؟ مع العلم أن حتى الحياة الخاصة فيها الكثير من الضغوط كاحتياجات الأسرة، والالتزامات الاجتماعية. فما هو السبيل إلى التوازن أو قضاء وقت ماتع ومفيد ليخفف من الجهد البدني والضغط النفسي؟ يلجأ الكثير خصوصا من الشباب (الذين أرجو أنني مازلت أصنف ضمنهم) إلى وسائل ترفيه مختلفة بعضها نافع كالقراءة والرياضة، وبعضها أقل ما يقال عنه إنه مضيعة للوقت كمشاهدة التلفاز أو (التقهوي) في المقاهي والاستراحات. في الماضي كانت تلك هي الخيارات المطروحة، لكن في عصر الإنترنت ظهر خيار آخر يمكن اللجوء إليه هربا من كل الضغوط، وبحثا عن الترفيه والفائدة. بل يمكن وصفه بأنه يمثل هواية مفيدة تطور مهارات الكتابة والقراءة، ومصدر للمعلومة قد يعوض عن مشاهدة الأخبار ومتابعة الصحف، إنه مكان افتراضي يدعى»تويتر». «تويتر» كلمة إنجليزية جديدة تعني صوت تغريد الطيور، وهو موقع تواصل اجتماعي مميز يمكن لكل من ينشئ سجلا (بروفايل) فيه أن يتابع أي شخص مسجل آخر خصوصا المشاهير، لقراءة كل ما يكتبه من أخبار وأفكار. ولا يمكنك أن تكتب بأكثر من 140 حرفاً في التغريدة الواحدة. وكل تغريدة تكتبها سيقرأها فقط المتابعون لسجلك. لذلك يسعى المغردون إلى زيادة عدد المتابعين لهم لأسباب مختلفة فمن يدخل عالم تويتر يجد فيه ما لا يجد في غيره. إن تويتر يوفر مساحة تعبير غير طبيعية (أقصد كبيرة جدا وليس أن بها مسا من الجن) ويمكن قياس تأثيرها مباشرة من حيث القبول أو الرفض عن طريق عدد من يرد عليها، أو يقوم بمتابعة سجلك، أو إعادة إرسال تغريدتك، أو حتى حذفك من قائمة من يتابعهم القارئ! يشبه ذلك التفاعل الذي يصفه فنانو المسرح بالتفاعل الجميل مع الجمهور حيث يرى مباشرة ردة فعل الجمهور من تصفيق أو ضحك، عكس من يمثل أو يغني خلف الكاميرا. وقد تدهشك ردة فعل متابعيك لتغريدة صغيرة لا تلقي لها بالا سلبا أو إيجابا. ولك أن تتخيل (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) نسأل الله أن يتجاوز عما قلنا ونسينا بينما كتب وحفظ! ولا يغرك عدم رد المتابعين المباشر، فالكل صار يقرأ ويفكر ويوافق أو يعترض، لكن القليل يكتب. ولأن تويتر ما هو إلا مرآة لما يقوله الناس فهو يظهر صورة تفاعل اجتماعي بكل أنماطه. تجد المشاهير ذوي الآلاف من المتابعين يتصرفون بغرور متوقع. فلا يردون على (الضعوف) أمثالي لأن عدد متابعيَ قليل واسمي غير مشجع مثل اسم (الدلوعة، أو الرقيقة) حتى وإن كانت هذه الدلوعة تناديها أمها لغسل باقي الأطباق في المطبخ، والرقيقة تتعارك مع أخويها الصغيرين وتضرب رأسيهما ببعض. تكفيهم وجود صور الحسناوات المسروقة من جوجل للصور بدل صورتي التي تظهر سود الشوارب. وفي المقابل (يتلصق) المبتدئون بالمشاهير بكل الوسائل والطرق أملا في أن يتصدقوا عليهم برد، أو يتبرعوا لهم بإعادة إرسال تغريدتهم فيزداد متابعيهم. لقد جاء تويتر ليضيف نوعا جديدا من التواصل الاجتماعي. يوفر موقعا افتراضيا يمكنك أن تلجأ إليه في أي مكان أو زمان لتجد المعلومة، والنصيحة، والفائدة، وكذلك تجد الشائعة وربما الغيبة. لك الخيار في أخذ ما تريد، ورد ما لا يفيد. لكن أهم وأجمل ما في تويتر أنه أجبر العرب على القراءة!