جازان – عبدالله البارقي جهزوا أعلاماً للاحتفال باليوم الوطني فوق كهفهم كانت المسافة للعودة إلى الأرملة فاطمة ضعيف التي زارتها «الشرق» قبل عام وبضعة أشهر، تكتسيها المعاناة من وعورة الطريق، وقسوة الحياة وقهر طرق جبال ووديان منطقتي «القهر»، و»الواديين»، ولم يكن يخفف من عناء ذلك إلا صحوة النهار وأصوات الطيور، التي كانت مصاحبة لنا طوال الرحلة التي تجاوزت ثلاث ساعات للوصول إلى كهف الأطفال الأيتام وأمهم الأرملة الذين لا جار لهم في قرية الواديين، فيما أحاطت بهم الجبال والغابات من كل جانب، في ظل غياب كامل للخدمات والسكن الآمن، والماء العذب. بين الزيارة الأولى والثانية خلال زيارة «الشرق» السابقة دوى صوت فاطمة وأبناءها في كل أرجاء المملكة، وتحقق لهم بناء منزل شارف على الانتهاء، في قرية «الريث» بالقرب من خالهم، إلا أنهم مازالوا يتغلبون على مصاعب الحياة حتى يأتي موعد الانتقال إلى ذلك المنزل. والآن بعد مضي هذه المدة كلها، عادت «الشرق» لزيارة الأسرة التي حملت يوما أمانة نقل معاناتها للمسؤولين. عند الوصول، خرج يحيى طفل الثانية عشرة من الكهف مسرعا نحونا يرحب بنا وبمقدمنا، يرحب بضيوف يحلون عليه، بينما أخذ إخوته في تجهيز المجالس لاستقبالنا، وما هي إلا دقائق حتى خرجت جدته مرحبة، وتطلبنا بجاهها أن ندخل المجلس لتؤدي واجب الضيافة، اعتذرنا لها، بأننا جئنا في مهمة عمل لنقل معاناتهم مجددا. أجابت جدتهم: «هذا هو حالنا والحمد لله على الأمن والعافية»، ثم غادرت إلى داخل الكهف. العلم السعودي فوق الكهف يرفعون العلم السعودي فوق الكهف أثناء حديثنا كان علم المملكة يرفرف على قمة الكهف، الذي جعلوا له سارية ترفعه ابتهاجا بقرب اليوم الوطني، وإنهم يعيشون فرحة الوطن كما يعيشها الآخرون رغم حرمانهم من الطرق والمياه والصحة. يقول يحيى: لقد رفعته أنا وأمي وإخوتي، بعد أن طلبنا من أحد أقاربنا شراءه لنضعه على منزلنا. يحيى.. أختي لم تدخل المدرسة قال يحيى الابن الأكبر في الأسرة: أنا وإخوتي الذكور ندرس، لكن أختنا تخطو بها السنوات نحو الأمام وتفتقد التعليم، ونحن ننتظر فتح مدرسة للبنات في قريتنا، مشيرا إلى أن خاله يقف على حالهم ويتواصل معهم حتى لو كان في عمله، مبينا أنه أخبره بأن فاعل خير تكفل ببناء منزل له ولإخوته الأيتام في قرية رخية في محافظة الريث. وأضاف يحيى: نعيش القسوة بكل أصنافها في هذا الكهف، فهنا ولدنا وتربينا وتعلمنا، وما يهمنا أن تكون أمنا بصحة جيدة، لقد تكبدت المشاق لأجلنا بعد وفاة والدنا. ماؤهم من قطر السماء لا يسمعون بمشروع السقيا سوى اسمه، فقد تغلبوا على انقطاع الماء، بحفرة وضعت أسفل الجبل، لتتجمع فيها مياه الأمطار أوصلوا لها جهاز شفط من مسافة تصل إلى 100 متر من منزلهم، ومن تلك الحفرة يشربون ويغتسلون ويطفئون ظمأ الصيف. لا خدمات ولا طرق في كل يوم يحدث تغيير في العالم، إلا أن قرية الواديين كما هي، لم يتغير فيها حتى الطريق، القرية تفتقد لكل الخدمات، فلا يتم تنظيف مجرى الأودية من النفايات، ولا يتم معالجة الأسر من قبل الفرق الصحية، والحال كما هو قبل عشر سنين، لم يتغير شيء، سوى إيصال التيار الكهربائي، أما ما عدا ذلك فلا يوجد شيء يذكر، وكأن قرية الواديين قد سقطت من خريطة التنمية. تحقق الحلم بالمنزل الجديد من جهته، أوضح رئيس الجمعية الخيرية في محافظة الريث مغدي الريثي أن فاعل خير تكفل ببناء منزل جديد لأسرة الأيتام وأمهم، بجوار أرض لمنزل شقيقها في قرية رخية في الريث، وتم تجهيز المنزل، وإيصال التيار الكهربائي إليه مؤخراً، كما تم مخاطبة خال الأيتام لإبلاغ الأسرة بتسلم منزلهم الجديد. «الشرق» كشفت معاناتهم الأسرة التي يعيش أفرادها داخل كهف، في قرية شبه معزولة عن المحيط الخارجي، دون خدمات بلدية ودون طرق ودون تعليم أو خدمات صحية، ما كان يمكن أن يعلم أحد بمعاناتهم، لولا أن تدخلت «الشرق» وزارتهم واطلعت على حالهم، ونقلت معاناتهم. فوجه أمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز مباشرة ببناء منزل للأسرة، فتبرع فاعل خير بتكلفة البناء إلى جمعية خيرية في المنطقة، واستمر وكيل إمارة جازان الدكتور عبدالله السويد بمتابعة موضوع الأسرة من خلال الاتصالات المتكررة، حتى تم تجهيز المنزل. أحد الأبناء أثناء توديعه بعثة «الشرق» أمام منزل الأسرة الكائن داخل كهف جبلي