قبل عشرين عاماً تقريباً كان فجاً أخرق ليس له هدف في الحياة سوى أن يصحو من نومه ويمتص سيجارته. كان لا يفهم شيئاً عن أي شيء في الكون، حينما تسأله عن هدفه في الحياة لا يفهم صيغة السؤال ويطلب التوضيح، وتسأله: ماذا تعني لك الحياة، يقول لك باختصار: «أنا لا أفهم ماذا تقصد!». كان بسيطاً حد السذاجة وساذجاً حتى البساطة، لا يقيّم ما يحدث ولا يتحدث بالذي يقام له أي شأن! مجرد أن تقول له هيا نذهب لأي مكان قبل أن تغلق شفتيك على حرف الباء يباغتك بكلمة «قدّام يا سنايدي!» لا مثلما يقول الهامشيون «العرابجة» دون هدف أو تخطيط، لكنه يعي ما يقوله بشجاعة وإقدام، هو هكذا أحمد وفي الليلة الظلماء يفتقد الحلم! جارت عليه الحياة بقساوتها ومرارتها وفقد أعز من يملك: أمه، ووالده تزوج وأقام في إحدى الدول العربية مع زوجته المتسلطة وتزوج إخوته وطردوه شر طردة! وغادر إلى لا مكان. أحمد الآن غير ذلك الأخرق الأحمق، بل تبدل الحال به مائة وثمانين درجة وأصبح فيلسوفاً ومنظراً ودكتوراً في الجراحة لا يشق له غبار، وجلسته لا تمل ولا تكل، هي الحياة بكفاحها ومآسيها جعلت منه رجلاً صلداً لا تهزه زوابع ولا يؤثر فيها موقف أو ظرف وطبق مقولة: أرى أن أكون كما أريد أنا، لا مثلما يريد الآخرون، مثل هذه النماذج الكفاحية والعصامية والمقدامة في حياتها ترفع لها القبعة احتراماً وتقديراً لصنعها في هذه الحياة «قدام يا سنايدي»!