أخيراً تمت إقامة مهرجان للتمور في بيشة الذي كان يحلم أبناؤها بتحقيقه منذ زمن، فقد طال انتظاره، فبيشة اليوم ليست كالأمس الجميل، فقد هرمت وجفت مزارعها وكأنها قُدر لها أن تشاهد ثرواتها الزراعية من النخيل والفواكه والخضراوات يقتلها الظمأ، فمن ثلاثة ملايين نخلة في عام 1416ه لتتناقص بشكل حاد إلى حوالي مليون ونصف على الرغم من احتضانها أكبر سد في الجزيرة العربية (سد الملك فهد). بيشة الفيحاء، ألم يشفع لها إرثها التاريخي بوصفها أقدم إمارة في المنطقة الجنوبية والمنطقة الغربية؟ ألم يكف ما قدمه أبناؤها من المشاركة في شرف توحيد هذا الوطن الغالي؟ هل غادرت ذاكرتهم عندما كانت ولا تزال تستقبل القادمين من عسير والراحلين من نجد والعابرين إلى الحجاز؛ لينعموا بما مَن الله عليها من خيرات؟. من المسؤول عن مصادرة حقها المشروع في أن تبقى بيشة كما كانت سلة غذاء لهذا الوطن الغالي؟ فليست هناك قلة في المياه، ولكن هناك سوء في إدارة الموارد المائية وتوزيعها، والنتيجة المحزنة جفاف أغلب الآبار، وهذا يدل على أنه لم يُستفد من مياه السد بالشكل الأمثل، ولم يتحقق الهدف المنشود من إنشائه، وأهمها تغذية الطبقات الجوفية بالمياه فقد يكون بسبب الطمي الموجود في قاع السد الذي يعتبر عازلا طبيعيا لتسرب المياه إلى جوف الأرض، ويفترض إزالته بشكل دوري مع عدم إغفال الحلول المناسبة لمعالجة الوضع الراهن، كاستخدام وسائل الحقن مثل آبار الحقن لتوصيل المياه إلى المستودعات الجوفية للحفاظ عليها بدلاً من أن تصبح عرضة للفاقد من التبخر. من المسؤول الذي يتحمل وزر ضخ مياه مشروع معالجة الصرف الصحي من عسير إلى وادي بيشة ليتسبب في كارثة بيئية حتى مع زعم المسؤولين أنه آمن ويستفاد منه لسقيا المزارع؟ كلام يجعل الحليم حيران، ولكن مادام الأمر كذلك فعسير وهي الأقرب أولى به؛ فجارة الوادي في غنى عنه.