على رغم تاريخها المهم زراعياً على مدى قرون طويلة، تقبع محافظة بيشة تحت ظروف زراعية «سيئة» بحسب مراقبين للوضع الزراعي في المحافظة، مع أن أرض بيشة تعتبر «الأخصب» على مستوى المملكة. بذل المزارع البيشي طوال سنوات جهداً مضنياً ليعمّر أشجار النخيل والعنب والرمان، لكنه عاش حتى رأى بأم عينه نخيله وقد تنكست، بسبب الجفاف، وضعف الإمكانات وإهمال الجهات المسؤولة عن تطوير البيئة الزراعية. في بيشة يموت النخل بالآلاف؛ بل بمئات الآلاف، فيما يقف المزارعون مكتوفي الأيدي، لا يعلمون ما يصنعون. وتمر الأوضاع الاقتصادية الزراعية في محافظة بيشة بمرحلة «غير جيدة»، بحسب مراقبين أكدوا أنها بحاجة للضبط الاستثماري، خصوصاً فيما يتعلق بتطوير المشاريع التنموية التجارية أو تدخل الغرفة التجارية ومديرية الزراعة لتفعيل البرامج لجلب الاستثمارات والشركات الزراعية المتخصصة. وأكد محافظ بيشة مساعد التمامي أن سد الملك فهد الواقع في محافظة بيشة كان أملاً لمزارعي المحافظة «لكن الظروف التي مرت فيها المملكة جراء الجفاف الذي أصابها، أجبرت الجهات المتخصصة على التخلي عن خيار الري الزراعي بالمياه، مفضلة تحويل المياه بالتقنية إلى المنازل، وهو ما أدى إلى موت مئات الآلاف من أشجار النخيل وفسائلها. وأضاف : «نحن ندرك مدى خطورة هذا الوضع لكن الزملاء في مديرية الزراعة يبذلون قصارى جهودهم في تشجيع المزارع لعودة بيشة إلى ما كانت عليه في السابق». وتشتهر بيشة بزراعة النخيل ذات الأنواع الجيدة والمتعددة ومنها: الصفري، والشكل، والبرني، والمقفزي إضافة إلى زراعة العنب الجيد مثل: الطائفي، والرازقي، وكذلك زراعة الحبوب بأنواعها والفواكه والخضروات، وهو ما دفع وزارة الزراعة والمياة إلى إنشاء سد وادي بيشة العملاق (سد الملك فهد) لدعم النشاط الزراعي في هذه المنطقة كما يقول مدير مديرية الزراعة في بيشة المهندس سالم القرني الذي كشف عن معاناة المحافظة الأخصب في المملكة من شح المياه المخصصة للشرب حالياً، فضلاً عن جفاف أكثر من 80 في المئة من المزارع. وأوضح أن عدد النخيل في عام 1416ه كان يقدر ب3 ملايين نخلة وفقاً لما أقرته لجان «الخرص»، لينخفض إلى نحو النصف في عام 1431ه، إذ لا يتجاوز عدد النخيل 1.5 مليون نخلة. ويعزو القرني الأسباب الرئيسية في فقدان هذا العدد الهائل من النخيل إلى جهل المزارع «إذ كان يجب في ذلك الوقت تواجد لجان علمية من قبل الزراعة لدراسة مسببات هذا الجفاف ومحاولة الإسراع في إيجاد البدائل مثل سقيا الري الحديث، فضلاً عن انتشار بقعة الأراضي الزراعية والمنح الزراعية التي أثرت بشكل سلبي على استنزاف المياه من باطن الأرض». ويضيف: «إلى جانب توقف مياه سد الملك فهد عن ري المزارع، وكان من المفترض إيجاد بديل لمياه السد من البحر أو جهات أخرى واستغلال السد للري الزراعي، فضلاً عن قلة الأمطار. وأكد أنه طالب مراراً بوجود قناة ري من سد الملك فهد، ورفع هذا المقترح للمجلس المحلي لكن طلبه لم يتم تنفيذه أو درسه بشكل جدي حتى الآن». الخسارة الفادحة التي لحقت بالمزارعين أجبرت كثيرين منهم على بيع نخيلهم إلى رجال أعمال وشركات تستغل جذوعها لصناعة سماد، وهو ما جعل مزارعين يطالبون بتعويضات عن نخيلهم الذي فقدوه جراء الجفاف. عن ذلك يقول القرني: «علينا كمؤسسات حكومية متكاملة أن نحاول إعادة بيشة زراعياً كما كانت ولو بنسب بسيطة خوفاً على اندثار المنتج الزراعي العظيم الذي تنتجه». ووجه نداءً إلى محافظ بيشة والمسؤولين بإنشاء جمعية تعاونية زراعية تدعم المزارع، وتتابع العوائق الزراعية، وحل مشكلة تسويق المنتجات الزراعية وتقديم الخدمات التي يحتاجها المزارع إلى إقامة مختبرات زراعية عالية الجودة. وفي الجانب التوعوي للمزارع، أكد مدير مديرية الزراعة في بيشة أنهم يقومون بمحاضرات توعوية وإنشاء حقول إرشادية للمزارعين «ونحاول جاهدين المحافظة على أنواع التمور النادرة من خلال إنشاء مشاتل خاصة بمديرية الزراعة»، مشيراً إلى أهمية تعاون المزارعين.