لجأ عدد كبير من مزارعي محافظة بيشة إلى بيع نخيلهم بعد أن أصابهم الإحباط جراء عدم دعم قطاعهم ونضوب المياه الجوفية. وتحولت بعض الأراضي الزراعية إلى مخططات مخالفة للأنظمة، تباع بشكل عشوائي. وذكر عبدالله الحارثي أن المأساة كانت ملموسة لكنهم توقعوا أن ثمة فرج للكربة التي أسهمت في نضوب المياه وشرعوا نحو الاتجاه إلى الرعي وتركوا النخيل تقاسي أمام الجفاف، ما جعلها كأعواد الشمع في صفيح أبيض، داعيا إلى تعويض المزارعين عن خسارة كبيرة لأبرز منتجاتهم، وان تتحمل بعض الجهات ما حدث لأكثر من مليوني نخلة. وأشار المزارع سعد الشهراني إلى أن أبرز تجار وسماسرة النخيل حضروا من دول الخليج لشراء نخيل بيشة بسعر 200 ريال للنخلة الواحدة، متحسراً على أكثر من 30 نوعاً من التمر كانت تميز المحافظة. بينما عزا المزارع سعيد العفاس بيع النخيل بهذا السعر الزهيد إلى وجل المزارعين من موت نخيلهم أمام أعينهم، كون موجة الجفاف تحكم قبضتها على المحافظة منذ أعوام عدة، مضيفاً أن مكاتب تهجير النخيل تنتشر في المحافظة بأعداد لافتة والشاحنات تنقل يومياً مئات النخيل إلى دول الخليج. من جهته، أوضح مدير فرع المياه في المحافظة فايز المعاوي أن ثاني أكبر سد في الشرق الأوسط الذي يقع على وادي بيشة لم يحقق التطلعات، إذ حبس خلفه أكبر بحيرة (200 مليون متر مكعب من المياه) تمثل نسبة 61 في المئة من طاقته التخزينية، لتتبخر تلك المياه بشكل عشوائي في مسار الوادي من دون أي بناء لجداول مياه تخزينية لتوزيعها وحفظها بشكل أدق، مشيراً إلى أنه الوسيلة الوحيدة للري ويمكن أن ينضب خلال عام تقريباً. وأضاف أن مشروع " الوجيد" لجلب المياه من الربع الخالي سيتم الانتهاء قريباً منه ليعوض المدينة نقص المياه الحاد. وذكر مدير فرع الزراعة في محافظة بيشة المهندس سالم القرني ل"الحياة"، أن سد بيشة الزراعي تحول إلى سقيا المدينة والسكان بدلاً من الزراعة بعد أن فقدت المدينة مصادر المياه الزراعية واتسعت رقعة المعمار وبرز خلل التخطيط التنموي لمسار المدينة، إضافة إلى عدم وجود المختصين والمساهمين في بقاء رقعة زراعية كبيرة لحماية الدخل القومي لأبناء ومزارعي بيشة، لافتاً إلى أنه من حق أي مزارع أن يبيع نخيل مزرعته متى خشي عليها اليباس، ودور الوزارة الإرشادي يقتصر على مساعدة ملاك المزارع القائمة وتطوير مهاراتهم في استعمال تقنية الري الحديث ومنها الري بالتنقيط، إلا أن البعض يتفادى احتراق نخله ببيعه والحصول على مقابل مادي يعوضه بعض خسائره. ولفت إلى أن الشراء لا يقتصر على بعض الدول الخليجية بل حتى أمانات المناطق السعودية التي تسعى إلى تزيين شوارعها الرئيسة بأشجار النخيل، مضيفاً أن فرع وزارة الزراعة لن يتخلى عن دوره في خدمة المزارعين إلا أنه لا يملك الحق في منعهم من بيع نخيل مزارعهم. وتابع: "رفعنا مطالبات المواطنين إلى ولاة الأمر لصرف تعويضها وإجراء مزيد من الترتيبات لإعادة ولو نسبة ضئيلة من تلك المزارع التي ما زال يمكن أن تعيد استقرارها، وهناك دراسة بشكل فعلي لسبل المحافظة على إنتاجية وادي بيشة من التمور"، مشيراً إلى أنه طالب بإنشاء جمعية لمزارعي النخيل، لكنه لم يجد لمطالبته أي صدى. وأكد محمد العمري أحد تجار التمور في بيشة أن تمور بيشة لها أهمية في سوق التمور خصوصاً ما يمكن خزنه في الصفائح أو تخزينه وتعليبه نظراً لقدرته على البقاء لأكثر من سنة ويمكن استخدامه كما هو.