قبل ساعات على بدء تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على طلب باراك أوباما توجيه ضربة عسكرية «محدودة» لنظام بشار الأسد، يتفتق الذهن الروسي عن مبادرة تقضي بوضع الأسلحة الكيميائية التي بحوزة النظام السوري تحت رقابةٍ دولية، عسى أن يحُول ذلك دون تنفيذ الضربة المحتملة. بعدها يظهر وزير خارجية الأسد، وليد المعلم، في موسكو مُبدياً ترحيبه بهذا المقترح وإن كان ألمح إلى أن النظام سيوافق عليه شريطةً أن يكون مرتبطاً بإلغاء المشروع الأمريكي لمعاقبة الأسد على استخدام «الكيماوي» في ريف دمشق. هذه المبادرة المتأخرة دفعت واشنطن للتعليق عليها بحذر، إذ اعتبرت أنها ستكون إيجابية إن تحققت، لكنها وضعت أكثر من علامة استفهام أمام مصداقية الأسد استناداً إلى تجارب سابقة. ولكن لنفترض أن الأسد سيصدق هذه المرة.. هل يعني ذلك أن مطالب الشعب السوري تحقَّقت؟ إذا كان النظام قتل ب «الكيماوي» ما يزيد على ألف سوري في ريف دمشق، فإنه قتل دونه ما يزيد على 100 ألف في كل أنحاء سوريا، فليست الأزمة في الأسلحة المحرَّمة فحسب، وإنما تكمن أيضاً في سلطة إجرامية لم تعد لها أدنى درجة من الشرعية تتيح لها الاستمرار فهي تطلق فرق القتلة على شعبها وتنكل بمعارضيها. مطلب جموع الشعب السوري واضح، وهو سوريا جديدة دون هذه العائلة التي حكمتها 4 عقود فدمَّرتها، وليس منطقياً أن يتحوَّل هذا المطلب إلى نزع السلاح الكيماوي الموجود لدى نظام دمشق، هذا مطلب فرعي وليس رئيساً. إن شعوب العالم تنتظر من المجتمع الدولي الرد على تجاوز الأسد الخطوط الحمراء، ولن يكون التراجع عن هذا الرد إلاَّ طعناً في قدرة المجتمع الدولي على حفظ الأمن والسلم العالميين، وفي ذلك خطر شديد.