لمواكبة روح العصر مع الحفاظ على الشريعة الإسلامية، يدعو كثير من القانونيين ونشطاء حقوق الإنسان إلى البدء في تقنين أحكام الحدود الستة والقصاص لأنها من أساسيات الدين، ويقل الاختلاف فيها بين فقهاء المذاهب الأربعة فيحسن أن تخرج في مواد قانونية تبين تعاريف هذه الأحكام وتفصل في شروطها وموانع إقامتها وتخرج في النهاية على شكل نظام جزائي. وأحكام الحدود والقصاص مشهورة ومطبقة ومحددة ولكنها مبثوثة في كتب الفقه ويحسن جمعها وهذا ليس من باب تقنين المقنن وحد المحدود وطحن الطحين، ولكن من الأفضل جمعها في مواد قانونية يستطيع المحامي والمواطن الرجوع اليها بسهولة وتكون ملزمة للقاضي أن يحكم بها، لأن أغلب القضاة الآن مقلدون وبعضهم لا يملك أدوات الاجتهاد. وهذا الإلزام جائز لأن للحاكم أن يلزم القضاة بمذهب واحد يوحد شؤون البلاد والعباد. وهذا التقنين يجعل مسائل الشريعة قابلة للتطبيق بشكل عصري ويقطع الطريق على من يحاول أن يشكك في هذه المسلمات ويدعو إلى تغييرها وعدم تفعيلها وأنها صالحة لزمان غير زماننا. وأيضا تقنين أحكام القصاص وتقنين الديات يقطع الطريق على المتاجرة بالدماء ووصول الديات إلى أرقام فلكية وتكبيل الأسرة بجمع هذه المبالغ الطائلة بغير وجه حق. وبجمع هذه الأحكام في مواد قانونية يسهل علينا عرض قوانيننا على الآخر والدفاع عنها وذكر محاسنها، وأنها أتت لتردع وتزجر وإلا أنها في الحقيقة مقيدة بشروط يصعب توافرها، ولذا تمر السنوات دون سماع إقامة أي حد من هذه الحدود ليس لعدم تطبيقها ولكن لصعوبة توفر شروطها وانتفاء موانعها. أخيرا هذه الحدود يجب أن تنص على أنها تطبق على المسلمين فقط، وليس على أصحاب الأديان الأخرى، لأنه لا يجوز إكراه الناس على دين لا يؤمنون به ولا يتقيدون بتعاليمه. يجدر بالذكر أنه يوجد نظام يسمى النظام الجزائي الموحد لدول الخليج ولكنه استرشادي وليس إلزاميا وهو يصلح لأن يكون نواة للنظام الجزائي السعودي المرجو تقنينه.