قامت الحكومة الإماراتية عام 94 بحل جمعية الإصلاح ففقد الإخوان فرصتهم التاريخية يعد إخوان الإمارات فرع جمعية الإصلاح في رأس الخيمة الممثل الوحيد لهم إيقاف مجلة الإصلاح عام 88 كان أول ضربة للجماعة في يوم الأحد 16/ 07/ 2012 أعلنت الإمارات العربية المتحدة أنها تحقق مع جماعة لها صلات دولية كانت تخطط «لارتكاب جرائم تمس بأمن الدولة»، وما كانت تلك الجماعة سوى أعضاء تنظيم الإخوان الإماراتي. حُكم على المتهمين في الانتماء للتنظيم يوم الثلاثاء 02. 07. 2013 بالسجن بمدد تتراوح بين 10و15 عاماً. الباحث والكاتب السعودي منصور النقيدان، قدَّم دراسة ضمن منشورات مركز المسبار في نهاية عام 2010 سرد فيها تفاصيل ونشأة تنظيم الإخوان فرع الإمارات. في السادس عشر من مايو 2010، أذاعت قناة «الحوار» حلقة من برنامج «أبعاد خليجية» وكان موضوعها (دعوة الإصلاح في الإمارات، ماذا تريد؟). استضافت الحلقة اثنين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات، وكانت هي المرة الأولى التي تقرر فيها الجماعة الظهور في الإعلام المرئي لشرح أفكارها، وتوضيح حقيقة انتمائها الفكري والسياسي والعقدي. تتعرض الجماعة لحصار إعلامي وتقليص لنشاطاتها الداخلية والخارجية منذ قامت الحكومة الإماراتية بإجراءاتها الإصلاحية في عام 1994. وفي السابع عشر من يوليو (تموز) 2009 أصدرت نيابة أمن الدولة العليا في مصر قائمة بأسماء36 متهماً فيما سمّي ب»التنظيم الدولي للإخوان»، وشملت القائمة ثلاثة رجال أعمال، ذكرت اللائحة أنهم من الإخوان المسلمين الإماراتيين، واتهمتهم بالقيام بتهريب أموال إلى داخل مصر، وأشار الاتهام إلى أنه قد سبق وأُلقيَ القبض عليهم في يناير 2009 في مطار الإسكندرية وبحوزتهم أموال تمت مصادرتها. كانت الحكومة الاتحادية قد جمَّدت جميع النشاطات الخارجية لجمعية الإصلاح في العام 1994، أتبعتها بقرار حل مجلس إدارتها، وإسناد الإشراف على فروع المؤسسة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية. البدايات يرجع الدكتور محمد الركن أستاذ القانون الدولي السابق، وهو من الأسماء البارزة من الإخوان الإماراتيين (حُكم عليه بالسجن ضمن خلية التنظيم المقبوض عليهم في الإمارات)، فكرة إنشاء جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي، إلى تأثرهم بتجارب الإخوان المسلمين في مصر والكويت؛ بعد عودة بعض الطلبة الإماراتيين في أواخر الستينيات من دراستهم في مصر والكويت، يحدوهم أمل إنشاء جماعة تمارس نشاطاتها وتنشئ مؤسساتها ومحاضنها التربوية في البلاد، لتستقطب الشباب إلى أفكار الجماعة، وتهيئهم ليكونوا كوادر مؤثرة في المجتمع الإماراتي الوليد، وقد نجحت الجماعة في جهودها واستطاعت عبر كسب تعاطف ودعم نخبة من رجال الأعمال والوجهاء وعلماء الدين أن تنشئ إحدى أقدم الجمعيات الأهلية في الإمارات. تلقت الجمعية الوليدة رعاية أبوية ومساهمة رمزية من إخوان الكويت، حيث ساهمت جمعية الإصلاح الكويتية بتأثيث مقرها،. وقد استمر هذا الترابط العضوي بين فرعي الإمارات والكويت، عبر اللقاءات والزيارات وإقامة المخيمات الصيفية في الكويت، وتنظيم الرحلات. نشوة التمدد عملت جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي، منذ تأسيسها على استقطاب الطلاب والناشئة واستهداف مؤسسات التعليم، واستحوذ أتباعها على النشاطات الطلابية الكشفية والمراكز الصيفية، ومع بداية عقد الثمانينيات سيطرت الجماعة على قطاع التعليم العام وإدارة المناهج والتأليف في وزارة التربية والتعليم، وفي العام 1988 أصبح الإخوان المسلمون هم الصوت الأوحد والأقوى في مؤسسات الدولة التعليمية وفي جامعة الإمارات. التوغل تمكن الإخوان المسلمون في الإمارات من المشاركة بوزير واحد، في أول تشكيل حكومي العام 1971، حيث جرى تعيين سعيد عبد الله سلمان، وهو من الإخوان المؤسسين لجمعية الإصلاح، وزيراً للإسكان بترشيح من نائب رئيس الدولة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وفي عام 1977 أصبح محمد عبدالرحمن البكر وزيراً للعدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، بترشيح من الشيخ راشد بن سعيد أيضاً، والبكر هو ثاني وزير من جمعية الإصلاح يتولى وزارة حكومية، وفي التشكيل الحكومي الثالث في يوليو 1979 تولى سلمان وزارة التربية والتعليم ومنصب رئيس جامعة الإمارات بعد تأسيسها بسنتين، ومع التشكيل الوزاري اللاحق في يوليو 1983 لم يجدَّد للوزيرين. تولى سعيد سلمان وزارة التربية والتعليم بعد عبد الله عمران تريم، وقد كان من منظور الإخوان خصماً فكرياً لهم، ويذكر النائب السابق لرئيس جمعية الإصلاح في رأس الخيمة محمد المنصوري أن حملتهم ضد تريم قد ساهمت في إبعاده من الوزارة. بعد العام 1977 هيمن الإخوان المسلمون على إدارة المناهج في وزارة التربية والتعليم، وتولى -الرئيس الحالي لفرع جمعية الإصلاح برأس الخيمة- الشيخ سلطان بن كايد القاسمي إدارة المناهج في الدولة لسبع سنوات حتى نهاية 1983، وهي السنة التي أقيل فيها سعيد سلمان من منصبه، في هذه الفترة تمكن الإخوان المسلمون من السيطرة على لجنة المناهج، عبر إصدار 120 مقرراً دراسياً اعتبرها الإخوان أحد أكبر إنجازاتهم. تمكنت الجماعة من الاستحواذ على النشاطات المدرسية عبر الأخوات في مدارس البنات، والجمعيات الطلابية، وإقصاء مَنْ لا ينتمي إليها. وكان للأخوات تأثير كبير على المعلمات والطالبات في الإمارات الشمالية وفي عجمان على وجه الخصوص، حيث مقر جمعية الإرشاد والتوجيه، ومع تولي أحمد حميد الطاير مهام وزارة التربية بالوكالة منذ 1987 بدأت مجلة «الإصلاح» حملة ضد قرار الطاير بنقل 25 موظفاً في إدارة المناهج إلى وظائف أخرى. يَعُد محمد الركن ما حدث في تلك الفترة عدم نضج من الجماعة مقارنة بحال أبناء الجماعة اليوم. فهو يرى أن معظم الإخوان المسلمين يسعون إلى ابتعاث أبنائهم للدراسة في الخارج وهم أنفسهم يتعلمون اللغة الإنجليزية ويتحدثون بها، ويرى المنصوري أن الجماعة اليوم قد نضجت كثيراً قياساً بما كان عليه الحال في الثمانينيات وأوائل التسعينيات. ومع بلوغ التصعيد ذروته، واستمرار التمرد الذي قاده أعضاء جمعية الإصلاح في مؤسسات التعليم ضد إصلاحات الحكومة، التي استمرت في إبعاد الإخوان عن لجنة التأليف والمناهج في الوزارة، عقدت قيادات الإخوان في منتصف 1989 اجتماعاً قررت فيه التهدئة، واتُّخِذَ قرار بالإجماع على أن يكون أسلوب الرفق واللين هو النهج المتبع، ولكن الوقت كان متأخراً لتدارك ماحصل وترميم الشرخ، فقد تنبهت الحكومة إلى خطورة ما يمكن أن يقوم به هذا التنظيم. جاءت أولى الضربات بتوقف مجلة «الإصلاح» عن الصدور مدة ستة شهور منذ أكتوبر(تشرين الأول) 1988 حتى أبريل(نيسان) 1989، وبعد عودتها للصدور مرة أخرى بقيت المجلة على خطها ولكن بوتيرة أكثر هدوءاً. في الفترة مابين 1989 حتى 1994 أصبحت معظم القضايا التي تتطرق إليها المجلة، هي ترشيد السياحة وضوابطها الأخلاقية، وخطر الأجانب على الثقافة والهوية الإماراتية، مع انتقاد لبرامج وسائل الإعلام المحلية، والعودة ما بين فينة وأخرى إلى ملف التعليم ولجنة مراجعة المناهج، حيث دعا رئيس تحرير المجلة إلى توسيع دائرة المشاركين في اللجنة الوطنية. العام 1994 قامت الحكومة بحل مجلس إدارة جمعية الإصلاح، وتعرضت فروع الجمعية، في دبي والفجيرة ورأس الخيمة إضافة إلى جمعية الإرشاد في عجمان، لتقليص نشاطاتها الداخلية والخارجية، وقامت الحكومة بإسناد الإشراف عليها إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، ماعدا فرع رأس الخيمة الذي لم يزل حتى اليوم يحظى باستقلالية تحت حماية وتعاطف حاكمها الشيخ صقر القاسمي. الصدام منذ أن قام الإخوان المسلمون بتأسيس جمعية الإصلاح عام 1974، والجمعية تختار أعضاء مجلس إدارتها بانتخابات داخلية مستقلة، وبعد 21 عاماً هيمنت الحكومة على مفاصل الجمعية، وانعكس ذلك على سياسة تحرير المجلة، التي كانت اللسان الناطق للجماعة، وقد كتب حمد الرقيط، وهو من قيادات الجماعة، مقالاً في نوفمبر 2008 بمناسبة مرور 34 عاماً على تأسيس الجمعية، ذكر فيه أنه لم تتح الفرصة للحوار والمراجعة حول قرار الحكومة مع المسؤولين، واعتبر إسناد الإشراف إلى وزارة الشؤون الاجتماعية تدخلاً في شؤون الجمعية بإبعاد أصحابها الشرعيين عن قيادتها، ويشير المنصوري إلى أن ذلك تسبب في هبوط أرقام توزيع المجلة، خلافاً لما كان عليه الحال طوال عقد الثمانينيات وأوائل التسعينيات « أزهى عصورها» حيث كانت تحظى بقرّاء ومتابعين من شتى أنحاء العالم العربي. ومنذ عام 2003 بدأت عملية نقل واسعة داخل وزارة التربية والتعليم، لأكثر من 170 من الإخوان المسلمين وتحويلهم إلى دوائر حكومية أخرى، كان منهم 83 موظفاً، انشغلت وسائل إعلام محلية وغيرها بالحديث عنهم. يرى المسؤولون الإماراتيون أن ذلك جاء ضمن رؤية استراتيجية، تهدف إلى نقلة كبرى في التعليم العام، تتماشى مع التحولات الكبيرة الاقتصادية والثقافية التي تمر بها البلاد منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي، وقد كانت السنوات التسع التالية (1994-2003) لحل مجلس الجمعية مشوبة بالتوتر الصامت، والضغوط الناعمة وضبط النفس، والرسائل المتبادلة. كما أن حماية بعض الحُكَّام لبعض الشخصيات الإخوانية، واعتبار العشيرة والوجاهة النابعة من تقاليد المجتمع الإماراتي، فعلت فعلها، وهي تقاليد كانت تمثل جوهر التوافق والانسجام الذي ضمن دوام الاتحاد وتماسكه منذ قيامه. وفي العام 2003 بدأ فصل جديد من علاقة الإخوان بالحكومة وأجهزة أمنها، وذلك بعقد لقاءات متكررة بين ثلاث قيادات من الجماعة وبين نائب ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد في العاصمة أبو ظبي، أفضت بعد شهور إلى رفض قيادات الجماعة دعوة الحكومة لهم إلى الانخراط في مسيرة التنمية وإمكانية العمل الدعوي، أسوة بنظرائهم من العاملين في مجال الدعوة والإرشاد الديني في الدولة، شريطة حل التنظيم. ومنذ العام 2006 حدث ما يمكن تسميته بكسر لتلك العلاقات والوشائج، تصاعدت وتيرتها بإبعاد عشرات المعلمين، كانت ردة فعل (أبناء الإصلاح) غير تقليدية، تمثلت في تجمعات احتجاجية ومشاركات في القنوات الفضائية، ولقاءات صحفية ومقالات على الإنترنت تتحدث عن أسباب الإبعاد. تؤكد بعض المصادر أن الحكومة الاتحادية كانت قد عرضت ثلاثة خيارات على كوادر الجماعة من موظفي التعليم، منذ بدأت بإجراءاتها الإصلاحية داخل مؤسسة التعليم، وهي: 1. إعادة تأهيلهم مع بقائهم في وظائفهم التعليمية، بعد إعلان تخليهم عن الجماعة، والتبرؤ من بيعة المرشد، والمساهمة في بناء فكر إسلامي إصلاحي معتدل ومتسامح يكون بعيداً عن الأحزاب والتنظيمات، ومضاداً لأفكار الجماعة. 2. التخلي عن الجماعة تنظيمياً، واحتفاظ كل شخص بأفكاره الخاصة، بشرط ألا يقوم بترويجها أو الدعوة إليها . 3. توفير فرصة وظيفية خارج المؤسسة التعليمية لكل من اختار البقاء على انتمائه الحزبي رافضاً عرض الحكومة. كما تقوم الحكومة أيضاً بإحالة من قاربت فترته على الانتهاء إلى التقاعد. استمرت معسكرات الإخوان الصيفية حتى ما بعد 1996، وفي العام 2000 قام شباب الجمعية برحلة إلى الكويت، وفي إحدى الجلسات ألقى واحد من قيادات الإصلاح الإماراتية، -وبحضور أحد رموز الإخوان في الكويت، وهو جاسم الياسين- كلمة أكد فيها على الالتزام بتعاليم مؤسس الجماعة المرشد حسن البنا، والوفاء لخط جماعة الإخوان والسعي إلى إقامة الخلافة. وفي العام 2003 عقد حسن الدقي – وهو من قيادات الإخوان المسلمين في الإمارات- لقاءً شهيراً بكوادر الجماعة الصغار من طلاب جامعة الإمارات في مزرعته في الذيد بإمارة الشارقة، حيث طلب من الجميع إغلاق هواتفهم المحمولة، ثم دعاهم إلى الجهاد ضد أعداء الإسلام. وقد قامت قيادة الجماعة بمحاولة ثنيه عن توجهاته الجديدة بعد صدور كتابه «ملامح المشروع الإسلامي» عام 2003 وظهور ميوله الجهادية، وذلك خوفاً من التبعات الأمنية على الجماعة. طوال عقدين كانت جمعية الإصلاح تستضيف أسماءً بارزة من الإخوان المسلمين من خارج الإمارات؛ لإلقاء المحاضرات والمشاركة في الندوات في مقر الجمعية، وفي الثمانينيات كان أعضاء الجماعة العاملون في قطاع التعليم يقومون بتنظيم محاضرات لرموز الجماعة من المصريين والسوريين وغيرهم في مدارس الأولاد والبنات، وقد ترافق حل مجلس جمعية الإصلاح عام 1994 مع إبعاد الحكومة الإماراتية بعض رموز الإخوان العرب من دولة الإمارات، وكان أشهرهم هو عبد المنعم العزي، المعروف بمحمد أحمد الراشد، وصاحب المؤلفات الحركية مثل «المسار» و»المنطلق» و»رسائل العين». وقد انتقل إلى الإمارات في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي بعد فترة قصيرة قضاها في العمل بمجلة «المجتمع» الكويتية. عمل العزي مستشاراً في وزارة الأوقاف في دبي وربطته بجمعية الإصلاح علاقة وثيقة، كان يستضاف فيها أحياناً لإلقاء محاضرات والمشاركة في نشاطات الجمعية. ويؤكد محمد الركن أن العزي كان منطوياً على نفسه وقليل الاحتكاك بالجمهور وخشن العشرة، ولكنه كان يشارك أحياناً في الدروس والمحاضرات في جمعية الإصلاح. في نهاية التسعينيات من القرن الماضي واجهت جمعية الإصلاح اتهاماً بأن من يدير فرع رأس الخيمة في الخفاء هو عبدالحميد الأحدب، وهو من الإخوان السوريين، وقد أقام سنوات في رأس الخيمة يعقد دروسه في مسجد الجمعية. زاد من غموض الأمر وتضاعف الريبة عند الحكومة، عدم وضوح الإجابات التي يقدمها الإخوان الإماراتيون، حينما يُسألون عن تفاصيل البيعة والطريقة التي تؤدّى بها، ومتى يجب على العضو تقديمها، ولمن تُعطى البيعة وصيغتها. ويؤكد محمد الركن أنها بيعة عامة تتضمن الولاء للدعوة، وبذل الجهد في المنشط والمكره، وهو يؤكد أن الجماعة قررت منذ 2001 عدم إلزام الأعضاء بها، ولكن المنصوري يؤكد أن الجماعة أوقفت أخذ البيعة من أعضائها منذ 2003. ويذكر أحد كوادر الجماعة سابقاً- فضل عدم ذكر اسمه- أنه منذ أواخر عام 2002 بدأ بالامتناع عن حضور اجتماعات الجماعة واعتذر في النهاية للمشرف الذي يتبع له، موضحاً له أنه سيعمل للدعوة والإسلام دون أن يكون عضواً في التنظيم، ولكن المشرف ذكّره بأن الدعوة التزام، وعليه المضي فيما التزم به، وقال له: «ربما أنت تخاف من أن تقوم بأداء البيعة؟» . أخذ الإخوان سنتين من التفكير، وفي العام 2003، مع كثرة الاتهامات وتضرر كثير من كوادر الجماعة بسبب ولائهم وبسبب بيعتهم، أقرت قيادات الجماعة بالإجماع عدم استقطاب أي من العاملين في القطاع العسكري، وعدم التواصل مع أي عضو التحق بالعمل في الجيش، والأمر الثاني هو إيقاف أخذ البيعة من الأعضاء عموماً بشكل نهائي. ترافقت تلك الإجراءات مع احتمالات الانفراج في وضع الجماعة في ذلك العام، التي بدأت بسلسلة لقاءات في شهر أغسطس جمعت ثلاثة من قياديي الإصلاح بنائب ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي رحَّب بهم وأبدى استعداد الحكومة لدمجهم في مسيرة التنمية ومؤسسات الحكومة والاستفادة من خبراتهم، إذا ماقررت الجماعة حل تنظيمها. تلقى نائب ولي عهد أبو ظبي وعوداً من زعماء الجماعة بالتفكير جدياً بحل الجماعة، ويذكر المنصوري أنه تلقى اتصالاً من ولي عهد رأس الخيمة الحالي، الشيخ سعود بن صقر القاسمي، صبيحة اليوم التالي لاجتماعهم بالشيخ محمد بن زايد، ينقل إليه انطباعات الشيخ محمد الجيدة. وقد وصف المنصوري تلك اللقاءات بأنها كانت ربيعاً لن يتكرر. وقد ذكر المنصوري في لقاء مع مدوّنة «حراك» أن قيادات الإخوان التقوا الشيخ محمد بن زايد في 17 أغسطس 2003، وأعقبها لقاءان في الشهور اللاحقة، وكان الحوار – حسب رأيه – مثمراً بحيث عادت الجماعة إلى العمل العلني في سبتمبر من ذلك العام، ولكن الأمور ساءت بعد ذلك، مما اضطر الجماعة إلى العمل السري مرة أخرى، مشيراً إلى استفادتهم من الحكم الفيدرالي الذي يترك لكل إمارة الحرية في تطبيق قوانينها. بعد شهور قليلة من تلك الاجتماعات، عاد سلطان بن كايد القاسمي إلى مجلس الشيخ محمد بن زايد وفي يده بيان موقَّع من زعماء الجماعة يوضح أن الجماعة تمتلك شعبية كبيرة وقبولاً في المجتمع الإماراتي، ولها امتدادات في الداخل والخارج، وأن الجماعة هي الجهة المنظمة القادرة على التأثير، ولايمكن لأي سلطة أن تقلِّص من نفوذها وتأثيرها. بدا حينها أن تلك الفرصة التاريخية التي رفضها الإخوان لن تتكرر. وأصبحت الحكومة الآن أكثر إصراراً على خططها في الإصلاح.. خاتمة يعد إخوان الإمارات فرع جمعية الإصلاح برأس الخيمة الممثل الوحيد لهم، والحاضن لأفكارهم وكوادرهم، خلافاً لفرعي دبي والفجيرة، وبعد 1994 اتخذت دبي موقفاً في المنتصف عبر تجميد نشاطات الجماعة وتقليص أذرعها وخفض صوتها المعارض واحتواء بعض المبعدين منهم من التعليم ومن أحيلوا للتقاعد من موظفي وزارة التربية والتعليم، وإعادة توظيفهم في الحكومة المحلية. كانت أبو ظبي قد أحجمت عن السماح لجمعية الإصلاح بافتتاح مقر لها على أراضيها في السبعينيات، تؤكد تجربة الإمارات مع التحديث الذي خاضت غماره منذ 1994 أن خلو دولة الإمارت العربية المتحدة من نفوذ إسلامي مسيَّس – سواء كان تياراً أم تنظيماً أم حزباً قادراً على حشد الأتباع- هو ما سمح لها بخوض تجربتها مع التحديث من دون أي معوقات. وفي العام 2004 نشر محمد المنصوري كُتيِّباً يشرح تاريخ جمعية الإصلاح في الإمارات. سعى الكتاب إلى شرح دعوة الجماعة وإنجازاتها منذ تأسيس جمعية الإصلاح، ولكن الكتاب لم يشر بكلمة واحدة إلى انتماء جمعية الإصلاح والقائمين عليها إلى الإخوان المسلمين! تعرّض الإخوان المسلمون في الإمارات لضغوط كثيرة، ناتجة عن غموض موقفهم من الولاء للمرشد والبيعة، وازداد موقفهم حرجاً في السنوات الأخيرة، مما دفع قيادات الجماعة إلى عقد اجتماعات كثيرة لإيجاد حلول للوضع المتردّي. وفي أوائل 2009 قررت جمعية الإصلاح في رأس الخيمة نشر منهج الجماعة التربوي، والكتب التي يدرسها كوادرها ويتربون عليها، وإظهارها للعلن والجمهور نهاية العام 2009، وحتى كتابة هذا البحث لم تنشر الجمعية شيئاً من ذلك. يؤكد الإخوان الإماراتيون أن الجماعة اليوم قد نضجت كثيراً مقارنة بحالها في تسعينيات القرن الماضي، وأن اهتمامات (أبناء الإصلاح) تنصب في الآونة الأخيرة على سيادة القانون، وحقوق الإنسان، ومؤسسات المجتمع المدني، وأنهم في مجال الأفكار قد مروا بمراجعات كبيرة تستأنس مخالفي الأمس ولا تعاديهم وتنسق معهم في صالح المجتمع والوطن .