في أول دراسة تنشر عن الإخوان المسلمين في الإمارات، تناول الباحث في مركز المسبار للدراسات والبحوث بدبي منصور النقيدان تاريخ الجماعة مروراً بما عاشته من تمدد ومهادنة مع الدولة ثم انحسار وتقهقر. وأرجع النقيدان في دراسته التي نُشرت في كتاب المسبار الثالث والأربعين ( الإخوان المسلمون والسلفيون في الخليج)، بداية انحسار تأثير الجماعة إلى 1989، أعقبتها ضربة ثانية بعد اتهامات الحكومة المصرية للإخوان في الإمارات بتمويل هجمات إرهابية وقعت على الأراضي المصرية أوائل تسعينيات القرن الماضي. وتضمنت الدراسة شهادة اثنين من أهم قيادات الجماعة في الإمارات وهما د. محمد الركن الأستاذ السابق في جامعة الإمارات، ود. محمد المنصوري نائب رئيس جمعية الإصلاح برأس الخيمة. وأرخت الدراسة التي نشرت بعنوان( الإخوان المسلمون في الإمارات التمدد والانحسار) لبدايات الإخوان المسلمين في الإمارات أوائل سبعينيات القرن الماضي وأرجعها إلى تأثرهم بتجارب الإخوان المسلمين في مصر والكويت؛ حيث حاول الطلاب العائدون إنشاء مؤسسة تمثلهم في الإمارات أسوة بجمعية الإصلاح الكويتية. وفي 1974 وافق الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائب رئيس الدولة حاكم دبي على طلب إشهار الجمعية. وقال النقيدان إن جمعية الإصلاح عملت منذ تأسيسها على استقطاب الطلاب والناشئة واستهدفت مؤسسات التعليم، ومع بداية الثمانينيات سيطرت الجماعة على قطاع التعليم العام وإدارة المناهج والتأليف في وزارة التربية والتعليم، وفي 1988 أصبح الإخوان المسلمون هم الصوت الأوحد والأقوى في مؤسسات الدولة التعليمية. تزامن ذلك مع وجود ذراع إعلامي نشط هو مجلة الإصلاح. استطاع الإخوان الوصول إلى منصب وزاري في أول حكومة اتحادية (1971) بوزير واحد وهو سعيد عبد الله سلمان، واستطاعوا بعدها الظفر بوزارة التربية، وبحلول العام 1983 تمكن الإخوان المسلمون من السيطرة على لجنة المناهج والمقررات. واستعرض النقيدان قيام جمعية الإصلاح عبر مناشطها وذراعها الإعلامي (مجلة الإصلاح) بحملة تشويه النظام التعليمي الحكومي في فترة الوزير أحمد حميد الطاير. وسرد النقيدان في دراسته الأحداث التي أوصلت إلى حل مجلس إدارة الجمعية وتقييد مجلتها وإسناد الإشراف عليها إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، وقيام الحكومة في 2003 بنقل أكثر من مئة وسبعين من الإخوان المسلمين العاملين في وزارة التربية وتحويلهم إلى دوائر حكومية أخرى. وبالرغم من هذا التضييق إلا أن الإخوان تمتعوا دائماً بعلاقة خاصة بحاكم رأس الخيمة الشيخ صقر القاسمي. ووثقت الدراسة لقاءات نائب ولي عهد أبو ظبي (نوفمبر2003) الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بقيادات الإخوان، وقد منحت تلك اللفتة بصيصاً من الأمل في الجماعة التي تعاني من الانحسار. بعد تلك اللقاءات تمتعت الجماعة لفترة قصيرة بشيء من الحرية في أنشطتها، ولكن الأمور ازدادت سوءاً بعد ذلك. من أكثر فصول الدراسة إثارة هو البيعة والإرهاب، فقد ذكر النقيدان أن بيعة الجماعة التي تأخذها على منسوبيها بقيت لغزاً مثيراً لريبة الحكومة، ففي العام 2001 وجهت أجهزة الأمن الإماراتية اتهامها للجماعة بتشكيل تنظيم سري عسكري، وبالرغم من نفي الجماعة، إلا أن مخاوف الحكومة تضاعفت بعد رسائل تهدد بأعمال عنف على الأراضي الإماراتية. وقد ذكرت الدراسة تعدد الدلائل على بقاء الإخوان على بيعتهم من وجهة نظر الحكومة، وقد ظهر في العام 2003، خط جهادي مثله (حسن الدقي) الذي عُزِل عن الجماعة ثم فُصل بعد جلسة نقاش. وقد أبدت الحكومة مخاوفها من إجراءات البيعة واعتبرت من يؤديها لأمير الجماعة أو مرشدها متهماً بازدواجية الولاء ومطعوناً في انتمائه لوطنه. قدم النقيدان قراءة موجزة لفكر الإخوان في الإمارات استقاها من لقاءات ومقابلات تليفزيونية ظهر فيها شخصيات من الجماعة في العام 2010، إضافة إلى أدبيات الجماعة ومقالات من أعداد مجلة الإصلاح(1978-1992).