الدمام – سحر أبو شاهين معاناة من الاستغلال والتمييز والحرمان من التطور والترقية والمساواة مع الأصحاء.. وافتقاد للمرجعية. د. السيف: 34 عاماً على إقرار تهيئة البيئة العمرانية لذوي الإعاقة دون تنفيذ. شرط اللياقة الصحية يَحرم ذوي الإعاقة من الوظائف الحكومية. السميري: نُحرَم من الترقية لعدم حصولنا على دورات تقام خارج مدينتنا. مغيص: الشركات توظفنا بهدف السعودة ثم تضغط علينا لنستقيل. الربح: أعاني وأخي من ضعف البصر .. ونعمل منذ خمسة أعوام دون أي زيادة. رشدان: أعمل حارس أمن منذ 15 عاما وراتبي ألفاً ريال فقط. يبلغ عدد ذوي الإعاقة في المملكة بحسب أحدث الإحصاءات المتوفرة في نهاية العام 2012م 375 ألفاً و795 حالة، غير أن غياب التنسيق بين وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل يجعل من العسير معرفة حجم القوة العاملة منهم، وتصنيفهم لفئات بحسب نوع إعاقتهم ومهاراتهم وقدراتهم، في ظل غياب تام لأية مظلة مرجعية، وعدم وجود أنظمة عمل تخصهم و تحاسب من يستغلهم، فهم مطالبون بالعمل ثماني ساعات يوميا، وسن تقاعدهم مثل الشخص السليم، وبدلات السكن والتنقل هي ذاتها رغم ارتفاع تكلفة السكن الذي يجب أن يكون أرضيا، كما يشغلون وظائف بسيطة تحرمهم التطور والترقية رغم أن كثيرا منهم حاصلون على تعليم عال، وتستغلهم الشركات بهدف السعودة، وما أن تحققها حتى تضغط عليهم لتقديم استقالتهم، والأهم من ذلك أن التصميم العمراني للمدن السعودية غير مهيأ لحركة ذوي الإعاقة سواء كانت إعاقتهم سمعية أو بصرية أو حركية، فلا لوحات بلغة الصم والبكم و لا بلغة «برايل» ولا منزلقات للكراسي المتحركة، الأمر الذي يصيب ذوي الإعاقة بالإحباط، ويجعل كثيرين منهم يفضلون الجلوس في المنزل. استغلال الشركات اشتكى حسين مغيص الذي يعاني صعوبة في الحركة والمشي جراء إصابته بمرض سيولة الدم من تعرضهم للاستغلال من قبل الشركات التي توظفهم بهدف السعودة كون المعاق يعادل أربعة سعوديين، وما إن تستقدم العمالة، حتى تبدأ في مضايقته ومحاسبته على التغيب أو الاستئذان من العمل، تماما كما تحاسب الشخص السليم، وقال «إن المعاق يحتاج للتغيب جراء مراجعته المتكررة للمستشفى، أو جراء تعرضه للإجهاد، كما يحاسب أيضا في حال قلت ساعات عمله يوميا عن ثماني ساعات، دون مراعاة لكون الجلوس الطويل على الكرسي يتسبب له في قرح» وأضاف «كما نعاني من أن مواقف السيارات الخاصة بالمعاقين دائما محجوزة من قبل الموظفين الأصحاء، ودائما ما نعطى وظائف لا مستقبل وظيفيا لها، فلا يسمح لنا بالتقدم والتطور، وقد يشغل ذوو الاعاقة ذات المرتبة الوظيفية لسنوات وبنفس الراتب، دون مراعاة لازدياد متطلباته المادية جراء الزواج والإنجاب، كما نعاني من عدم وجود بطاقة تعريفية لنا نبرزها وقت الحاجة، فخلال سفري للصين سحبت مني أدويتي التي احتاجها بشدة لعلاج سيولة الدم في المطار بدعوى عدم امتلاكي لبطاقة تعريفية بنوع الإعاقة والدواء المستخدم». راتب قليل يقول يوسف ومسلم الربح وهما شقيقيان يعانيان ضعف الإبصار الشديد ويعملان معا في شركة متعاقدة مع مستشفى القطيف المركزي «الراتب قليل جدا لا يتجاوز 2500 ريال شهريا، إضافة لإعانة التأهيل الشامل البالغة 8000 ريال سنويا، ونعمل موظفي سنترال منذ خمسة أعوام دون أية زيادة في الراتب طيلة هذه المدة، رغم مطالبتنا المتكررة بزيادة الراتب». شعور بالغبن ويؤكد أمين الرشدان (33 عاما) وهو حارس أمن في مستشفى حكومي في المنطقة الشرقية، ويعمل لصالح شركة حراسات أمنية، ويعاني من إعاقة حركية جراء إصابته بشلل الأطفال، أنه يعمل بهذه الوظيفة منذ 15 عاما، ولا يتجاوز راتبه 2270 ريالا شهريا، ينفق منها على نفسه وعلى بناته الثلاث اللواتي يقمن مع والدتهن بعد طلاقها منه جراء سوء وضعة المادي، قائلا «أشعر بالغبن والظلم جراء العمل 15 عاما بهذا الراتب الزهيد، وبدأت العمل براتب 900 ريال، ولم يزد إلا مؤخرا، في حين أني اكتشفت وبالوثائق توظيفا وهميا لأصحاء بهدف السعودة براتب ألفي ريال يتسلمونها وهم نائمون في منازلهم، ويخصم من راتبي في حال تغيبت عن العمل أو تأخرت». مضايقات واستقالة و يؤكد محمد الملحم 28 عاما، وهو معاق حركيا أنه تعرض لمضايقات دفعت به للاستقالة من شركتين عمل فيهما، إحداهما في الدمام والأخرى في الأحساء، وبراتب لا يزيد على الألفي ريال، حيث وظفوه بهدف السعودة ثم عمدوا لمضايقته ومحاسبته على التأخير والغياب، دون اكتراث للتقارير الطبية التي يحملها، توضح حاجته المستمرة لمراجعة المستشفى عدة مرات أسبوعياً، ما دفعة للاستقالة، حيث مكث في المنزل عاطلا عن العمل لعامين حتى عثر على وظيفة مؤخرا. توظيف وهمي وأوضح المتحدث باسم وزارة العمل حطاب العنزي أن توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة يجب أن يكون في عمل تهيئه قدراته للقيام به، وسوى ذلك يعد مخالفة على الشركة الموظفة، و يعد من قبيل التوظيف الوهمي بهدف السعودة، لافتا لعدم وجود أنظمة عمل خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة من حيث تقليص ساعات العمل، حيث يعمل ثماني ساعات يوميا أسوة بالشخص السليم. لياقة صحية وقال المحامي ومسؤول وحدة ذوي الإعاقة في هيئة حقوق الإنسان الدكتور أحمد السيف الذي يعاني من إعاقة حركية جراء حادث سيارة قبل 15 عاما، إن الدولة لديها توجهات ملموسة للتغيير، وتحسين أوضاع وظرف عمل ذوي الإعاقة، كبرنامج توافق المنتظر الانتهاء منه في وزارة العمل، مبينا أن الفرق بين المملكة والدول المتقدمة في حفظ حقوق المعاقين في العمل، وضمان حقهم في المنافسة مع الآخرين، أنهم استغنوا عن شرط اللياقة الصحية الذي ما زال التزام وزارة الخدمة المدنية بها يحرم ذوي الإعاقة من العمل في وظائف حكومية، واستغنت عنه الدول المتقدمة بشرط الكفاءة للوظيفة مع إلزام الجهة المعلنة عن الوظيفة بتهيئة بيئة العمل، بحيث يحق لذي الإعاقة رفع دعوى على الشركة في حال لم يجد مثلا منزلقا للكرسي المتحرك، مشددا على ضرورة أن تراجع وزارة الخدمة المدنية شرط اللياقة الصحة، وتستبدلة بشرط الكفاءة والأهلية للعمل، وأذكر على ذلك مثلا إصابة احد المدرسين بالعمى أثناء أدائه عمله، وكان تقرير اللجنة الطبية يدل على انه قادر على الاستمرار في عمله، غير أن قرار وزارة التربية والتعليم كان بتحويله لعمل إداري وتخفيض راتبه الوظيفية. مظلة موحدة وشدد الدكتور السيف على ضرورة تفعيل آلية مراقبة تنفيذ القرارت، وقال «مازالت شركات القطاع الخاص تستغل المعاقين في السعودة، ثم تضيق عليهم الخناق بمحاسبتهم على ساعات الدوام والغياب حتى يقدموا استقالاتهم»، مؤكدا ورود شكاوى عديدة لوحدة ذوي الإعاقة في الهيئة حول التمييز على أساس الإعاقة، والحرمان من الترقية، مشيرا لعمل بعض المعاقين لسنوات بذات المرتبة الوظيفية دون تقدم أو حوافز، والوحدة تتعامل مع القضايا الفردية بتحويلها لقضايا عامة بمعنى أن حلها يفيد كل أو معظم ذوي الإعاقة، كما أن غياب مظلة موحدة لذوي الإعاقة بحيث تتدارس أوضاعهم ويكون لها صلاحية رفع المطالب لمجلس الوزراء، أضاع حقوق المعاقين، فلا توجد قاعدة بيانات موحدة لعدد المعاقين في المملكة، ومن منهم قادر على العمل، ونوع العمل الذي هو قادر على أدائه، كون الإحصاءات موزعة بين الجهات التي تتعامل معهم من الصحة والشؤون الاجتماعية والتأهيل الشامل ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي. إثبات الذات وبين الدكتور السيف منطلقا أن الدراسات أثبتت أن الطاقة الانتاجية للمعاق، وجودة العمل لدية مرتفعة مقارنة بالآخرين يدفعهم لذلك الحاجة لإثبات الذات. مؤكداً على الدور المهم لوحدة ذوي الإعاقة في الهيئة التي لم يمض عام على افتتاحها أنه لرصد ومراقبة ودراسة أوضاع ذوي الإعاقة، ومراقبة تنفيذ ورصد الانتهاكات للاتفاقيات الدولية بحقهم، والحرص على إيجاد إطار قانوني لحقوق ذوي الإعاقة والتعاون مع كل الجهات الحكومية التي تتعامل معهم، ودعم البحوث التي تخصهم، مستغربا مضي 34 عاما على إقرار ضرورة تهيئة البيئة العمرانية لذوي الاحتياجات الخاصة دون تطبيق. نظام عمل و أكد الناشط في مجال حقوق ذوي الاحتاجات الخاصة، عضو هيئة حقوق الإنسان خالد الهاجري عدم وجود نظام عمل لذوي الاحتياجات الخاصة، ما عدا فقرة واحدة في نظام العمل والعمال الذي وقعت عليه المملكة عام 1426ه تتكلم عن أن أي صاحب منشأة لدية 25 عاملا عليه أن يوظف 4% من ذوي الاحتياجات الخاصة في القطاعين الحكومي والخاص، غير أنه لا يوجد أحد يلزم تلك الجهات بالتطبيق سواء في الخدمة المدنية أو وزارة العمل، وأضاف «سابقا كانت توجد أولوية لتوظيف خرجي المعاهد المهنية الخاصة بالإعاقة ومراكز التأهيل المهني في وظائف حكومية عن طريق الخدمة المدنية، غير أن وزير العمل ألغى العمل بذلك قبل فترة، على الرغم من الحاجة الماسة لذوي الإعاقة للأمان الوظيفي الذي توفره لهم الوظائف الحكومية، منوها بانتظار فئة ذوي الاحتياجات الخاصة لما يخلص لبرنامج «توافق» والذي أسس له على يد شركة بريطانية متخصصة في أنظمة عمل ذوي الإعاقة، حيث درست في زيارة لها للمملكة أوضاع الشركات الخاصة وقابلت ممثلين عن ذوي الاحتياجات الخاصة، ورفعت بنتائج الدراسة لوزارة العمل، والتي وعدت قبل ستة أشهر بالإعلان عن تنظيمات جديدة من خلال برنامج توافق لعمل ذوي الاحتياجات الخاصة، والرفع بها لمجلس الوزارء للموافقة عليها، غير أن شيئا لم يعلن عنه بهذا الخصوص حتى الآن من قبل وزارة العمل. تقاعد طبي واستغرب الهاجري تأخر المملكة في إصدار هذه التنظيمات وتخلفها عن دول خليجية مجاورة كالكويت التي أصدرت في العام 2010م تنظيما لعمل ذوي الإعاقة يشمل 12 مادة، وينتقد الهاجري إحالة الموظف الذي يتعرض لحادث أثناء العمل من شخص سليم لشخص معاق، للتقاعد الطبي رغم أنه قد يكون قادر على العطاء، مشيراً إلى أن هذا يعد تمييزا ضد ذوي الإعاقة بحسب المادة 27 من حقوق ذوي الإعاقة في الأممالمتحدة، بل يجب ان يحال للعمل في وظيفة تناسب قدراته. تطفيش المعاق ويلفت الهاجري إلى أن الفرق بين عمل ذوي الإعاقة في القطاع الحكومي والقطاع الخاص أن القطاع الخاص يبحث عن السعودي كي يتمكن من توظيفة لتحقيق نسبة السعودية بأقل عدد من الموظفين، وبمجرد أن يستقدم العمالة يبدأ في «تطفيش» الموظف حتى يقدم استقالته، وبعد ذلك يعود لتوظيف ذوي إعاقة آخرين حين يحتاج لاستقدام مزيد من العمالة، منوها بأن قطع الإعانة التي يحصل عليه المعاق من الضمان الاجتماعي والتأهيل والمقدرة ب 1600 شهريا في حال حصول المعاق على عمل ترجع وراء إحجام المعاق عنه، في ظل تدني الرواتب التي يحصل عليها والتي لا يزيد راتب بعضها عن الألفي ريال شهريا، خاصة وأنه في حال ترك العمل يحتاج لفترة تصل لعدة أشهر لحين عودته لتسلم الإعانة، والمفروض أن وزارة العمل تفرض على شركات القطاع الخاص، أن أية شركة توظف معاقا براتب أقل من 3000 يحسب بواحد لا بأربعة. افتقاد المرجعية من جهته اعترض الناشط في مجال حقوق الإعاقة مؤسس وأمين عام اللجنة الاجتماعية في الغرفة التجارية بأبها يحيى السميري على مصطلح «رعاية» في نظام رعاية المعاقين الذي وقعت علية المملكة عام 2008م، قائلا «كلمة رعاية يجب أن تعبر عن القُصّر وكبار السن وفاقدي العقل» مشددا على افتقاد ذوي الاحتياجات الخاصة مرجعية تضمن تطبيق حقوقهم، فالشؤون الاجتماعية دورها ينحصر في المكافأة المالية، ولا يوجد تهيئة للبيئة العمرانية للمعاق منذ لحظة خروجة من منزلة فلا مواقف سيارات، ولا منزلقات للمعاق، ولا مساحات واسعة تتيح تحرك الكراسي المتحركة، ولا إشارات للصم والبكم أو لوحات برايل للمكفوفين، ولا دورات مياه مخصصة لهم، مشددا على أن عدم تيسير الحركة للمعاق يحد من قدرته على التحرك بسهولة، وبالتالي قدرته على التوجه لمقر عمله أو الحركة داخل المقر، كما أحمل الغعلام مسؤولية تكريس مفهوم الشفقة على المعاق. امتيازات وظيفية وعن الفروق الواجب تحقيقها بين الامتيازات الوظيفية للمعاق وتلك للسليم، يقول السميري «لا يمكن المساواة بين المعاق والسليم في الامتيازات الوظيفية كالراتب وبدل السكن وسن التقاعد وساعات العمل اليومية، فالمعاق تسوء صحته مع تقدمة في السن ما يجعلة في حاجة لتقاعد مبكر كأن تحتسب له سنة الخدمة بسنتين، يحصل بعدها على راتبة كاملا، كما أن بدلات السكن والمواصلات يجب أن تكون أكثر من تلك الممنوحة للشخص السليم، فمثلا المعاق في حاجة للسكن في شقة بدور أرضي، وتكلفة التنقل بالنسبة له أعلي كلفة، كما أن العمل لثماني ساعات مجهد جدا خاصة لمن يعانون من الشلل النصفي، ولا بد من تخفيض ساعات العمل لست ساعات» ولفت السميري إلى أن افتقار المعاق لبطاقة تعريفية من الدولة تسجل فيها إعاقته يستطيع إبرازها لدى السفر أو عند مراجعة الدوائر الحكومية، صعبت ممارسته لحياته بشكل طبيعي، وفيما يتعلق بحرمان المعاق من الترقية قال «قد يكون ذلك بشكل غير مباشر، فالترقية تعتمد على تطوير الموظف لنفسة بالدورات التدريبية، التي يحرم منها ذوو الاحتياجات الخاصة حيث يقام كثير منها خارج المدينة التي يقيم بها ما يصعب عليه الحصول عليها». منتقداً غياب التعاون بين وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العمل من حيث تصنيف ذوي الاحتياجات الخاصة لفئات بحسب القدرة ونوع العمل الذي تستطيع القيام به.