في عام 1965 كان كلٌّ من آرنو بنزياس وروبرت ويلسون من شركة بيل يدرسان الموجات القادمة من الكون؛ فلاحظا أن هناك بثاً منتظماً بموجة ثابتة قادمة من كل الاتجاهات! لم يعيرا الموضوع كبير أهمية، ولم يعلما أنهما على موعد مع أكبر كشف فلكي. أرادا التأكد من الموضوع ودراسته، وظنا أن الحمام المعشش في الأنتينا الضخمة قد يكون السبب في هذا الضجيج، وبعد تنظيفها أرهفا السمع فكان الإرسال كما هو. قال الرجلان وهما يتناقشان: ما هي طبيعة الموجات هذه؟ ولم يربطا بين هذه الموجات ونظرية توسع الكون. وبحساب هذه الموجة تبين أنها عامة وقادمة من كل جنبات الكون. وهي بدرجة حرارة 3.5 فوق الصفر المطلق. الصفر المطلق هو الذي كشفه العالم البريطاني كلفن وهي درجة الحرارة التي ليس دونها حرارة، حيث تتجمد الجزيئات عندها مثل الشبح دون حركة، وهي تحت تجمد الماء 273.15 درجة. أما درجات الحرارة القصوى فهي تكاد تقترب من أرقام لا يتصورها بشر؛ فمثلاً في باطن الشمس تصل إلى ملايين الدرجات، وعلى سطحها حوالي ستة آلاف درجة، والقنبلة النووية تصل درجة الحرارة حين انفجارها إلى ما يحدث في باطن الشمس ولثوانٍ قليلة. في عام 1929 تقدم عالم فلك أمريكي هو «ادوين هبل» بقولٍ مفاده أن الكون يتمدد من خلال دراسة مضنية لعشرات السنوات، قام بها على المجرات، واستخدم تقنية الدوبلر على الضوء أو الزحزحة الحمراء. نحن نعرف أن الضوء مكون من طيف من الألوان، يظهر على شكل قوس قزح في المطر، والضوء مزيج عجيب من سبعة ألوان كان نيوتن أول من فكك الألوان وتم حساب طول موجة كل لون، وهي تتراوح بين 380 نانو متر للضوء البنفسجي و780 نانومتر للضوء الأحمر. والنانومتر هو واحد من مليار من المتر، أو واحد من مليون من المليمتر. إذا تصورنا الضوء وهو مزيج غير منتظم لكل هذه الألوان التي تُخرج في النهاية اللون الأبيض، فإن الأحمر هو في نهاية الألوان والأزرق في مقدمتها. أي أن الضوء إذا تحرك فهو يشبه القطار ذنبه أحمر ورأسه أزرق، فإذا هرب احمرَّ وإذا هجم ازرقَّ. فتح الله أمام بصيرة إدوين هابل أكبر كشف فلكي حين رأى أن كل ما حولنا أحمر يهرب، فعرف أن الكون يتوسع. وبكشف الثنائي بنزياس وويلسون عرفنا أن الكون له بداية وأنه نشأ من انفجار عظيم قبل 13.7 مليار سنة. (الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل).