عرعر – عبدالله الخدير أوقف لهم قصراً وعمارة سكنية ومحلات تجارية حرّضت أكثر من 10 أسر في «قارا» حُرِمَت من الإنجاب على كفالة أيتام لقاء تليفزيوني لوزير الشؤون الاجتماعية غيَّر مجرى حياته ظل كافل الأيتام أو أبو اليتامى كما يطلق عليه أهالي «قارا» في منطقة الجوف لافي مناطح الرويلي، محروماً من الإنجاب 35 عاماً، لم يكن يفتقد في هذه الحياة سوى صوت طفل يسمع منه كلمة «بابا» خصوصاً أنه كان يعمل في حقل التدريس «معلم» فهو يقابلهم في المدرسة ويعلمهم ولكنه يفتقدهم في المنزل، تزوج ثلاثاً، بدأها بزواجه الأول عام 1399ه وانتهى بزواجه الثالث عام 1422ه،ولم ينجب. لكن عاطفة الأبوة بقيت في داخله تتحرك، فالمنزل بات أشبه بالكهف الموحش -على حد وصفه- حتى جاء مساء أحد أيام الأحد في شهر صفر عام 1423ه، حيث كان يتابع برنامجاً تليفزيونياً تم فيه استضافة وزير الشؤون الاجتماعية آنذاك علي النملة للحديث عن كفالة الأطفال الأيتام من دور رعاية الأيتام. وبعد أن تدارس الفكرة مع زوجه واقتنعا بها اتخذا قرارهما المفصلي في حياتهما وهو كفالة أحد الأطفال الأيتام. كفالة ماجد وكسر الرويلي مقولة إن «شعور الأبوة لا يمكن أن يصفه إلا من أصبح أباً» عندما حل في دار الأيتام بأبها حينها ووقعت عيناه لأول مرة على الطفل ماجد الذي لم يكن عمره يتجاوز 13 شهراً، فتشبث به لدرجة أنه لم يستطع إنزاله، وقرر فوراً مع زوجه رعايته والتكفل به، ومنذ ذلك الحين بدأ الرويلي يعيش شعور الأبوة الذي حرم منه 35 عاماً. تشجيع للفكرة وكان من ضمن المخاوف أو الاحتمالات التي ترد في ذهن الرويلي عدم تقبل أفراد عائلته وعائلة زوجه هذه الفكرة، خصوصاً أنهما حينما ذهبا لم يخبرا أحداً بما ينويان القيام به. يقول الرويلي: «بعد أن وطئت قدماي أرض المطار وزوجي تحمل ماجداً وهي لم تلده كان في استقبالنا شقيق زوجي، وما أن وصلنا المنزل وعلم أقاربنا بما قمنا به إلا وأصبحوا يتوافدون علينا يباركون ويشاركوننا الفرحة ويقدمون لنا الهدايا لدرجة أن منزلنا لم يكن يخلو من الناس إلا وقت النوم، وهذا التقبل أمر لم أكن أتوقعه، وكانت تجربتي حافزاً لأن تقوم أكثر من 10 أسر حالياً في قارا حرمت من الإنجاب بكفالة لأيتام». انضمام خلود وبعد 6 أشهر قام الرويلي بالحصول على الموافقة وإنهاء إجراءات كفالة الطفلة خلود، وهي التي لم يتجاوز عمرها الشهر الأول لتنضم إلى الأسرة لتقر عين زوج الرويلي بهذه الطفلة بعد أن كان فؤادها فارغاً لعشرات من السنين العجاف. طفل جديد وبعد أن أمضت خلود 5 سنوات طلبت هي وماجد من الرويلي وبإلحاح أن يأتي لهما بأخ بأي شكل من الأشكال، ونزولاً على رغبتهما وافق الرويلي على طلبهما وهو الذي لم يرفض لهما طلباً قبله، فوجَّه مناشدته لمدير إدارة رعاية الأيتام في وزارة الشؤون الاجتماعية عبدالله الشومر، وذلك عبر أحد البرامج التليفزيونية، وكان نجاح تجربته في كفالة الأيتام التي اعتبرت نموذجية كفيلة بأن يحصل على الموافقة على كفالة طفل جديد. وفي اليوم التالي أكمل لافي جميع الأوراق والمتطلبات التي أصبح بها خبيراً واصطحب ماجداً وخلود إلى المطار حيث بقوا قرابة يوم كامل، ولما لم يتمكن من الحصول على حجز طيران لم يستطع كبح جموح عاطفته الأبوية بتحقيق رغبة ابنه وابنته وزيادة أفراد أسرته، ولم يعد يستطيع الانتظار وركب سيارته متوجهاً إلى الرياض، وما إن وصل حتى توجه لوزارة الشؤون الاجتماعية وأنهى الإجراءات وتوجه إلى دار رعاية الأيتام في أبها، وترك اختيار الطفل لماجد وخلود، حيث اتفقا على اختيار سيف الذي لم يتجاوز عمره 5 أشهر وأحضروه معهم. وبعد عامين من إحضار سيف استطاع الحصول على الموافقة ليحتضن العنود من إحدى دور الرعاية في الرياض، كان عمرها آنذاك شهراً، ليكون بذلك كافلاً لأربعة أطفال. تكوين أسرة وحرصاً من الرويلي على أن ينصهروا في المجتمع، وأن يكوِّنوا أسرة تبدأ من هذا المنزل الذي يقيمون فيه، رفض أن تقوم النساء اللواتي أرضعن ماجداً بإرضاع خلود، وكذلك رفض أن تقوم النساء اللواتي أرضعن سيفاً بإرضاع العنود؛ لأنه لا يريد أن يكونوا جميعاً إخوة من الرضاع ليكون متاحاً لهم تكوين أسرة والزواج مستقبلاً. وقف خيري القصر الخاص بالرويلي أوقفه داراً للأيتام (الشرق) يقول الرويلي: «أنا لا أضمن حياتي ولا أريدهم يحتاجون لأحد بعدي، فقمت بجمع ما لدي وبعت المزرعة التي أمتلكها وبنيت عمارة سكنية بقيمة مليون ونصف تتكون من 4 أدوار فيها 5 شقق سكنية و5 محلات تجارية لماجد والعنود. وبنيت القصر الذي نسكن فيه ليصبح داراً للأيتام لهم جميعاً ولزوجي، وذلك بعد أن اتفقت أنا وزوجي بأننا لا نريد أن نخرج من هذه الدنيا بشيء، واشترطت بعد وفاتي أن يكون المسؤول عن الوقف من يراه القاضي أصلحهم». وتمنى الرويلي وضع اسمه على إحدى المدارس أو الشوارع في منطقة قارا التي يسكنها. أب مثالي لافي الرويلي يحمل شهادة تفوق ماجد في المدرسة وقال الطفل ماجد: «منذ أن أدركت علمت أنه ليس والدي، ولكني لم أشعر بغير كونه أبي، فمعاملته وعطفه أغلب زملائي الذين لديهم آباء يغبطونني عليها، لم يرفض لي طلباً وكان يوجهني بكل اهتمام، وأكثر ما يحرص عليه محافظتي على الصلاة والدراسة، ويحضر للمدرسة بشكل أسبوعي يتابع وضعي وقد أدخلني في مدرسة خاصة، والآن أنهيت المرحلة الابتدائية وسأبدأ دراسة المرحلة المتوسطة». وأضاف: «خلود تحظى باهتمام آخر من والدتنا وتدرس في الصف السادس، في المدرسة التي تعمل بها مرشدة طلابية. لا نستطيع أن نحتمل غيابه عن المنزل يوماً واحداً وهو يحرص على ألا يفارقنا، وحينما يعود من سفر أو رحلة نقوم جميعاً بإقامة حفلة لقدومه، ولا يحضر لأحد منا شيئاً دون أن يحضر للبقية مثله». ماجد وخلود وسيف والعنود (الشرق)