رمضان.. شهر الفتوحات العظيم.. شهر انتصر فيه المسلمون بإيمانهم ونيتهم الصادقة في نصر دين الله وإعلاء رايته.. ليتنا نستلهم من دروس المعارك التي دارت فيه بين الحق والباطل.. بين النور والضلال.. بين الكفر والإيمان، ما يعيد لنا وحدتنا ويلم شعثنا ويجمع شتات أمرنا..! رمضان كما ارتبط اسمه بأنه موسم عبادات وطاعات، ارتبطت بتاريخه أحداث تاريخية حاسمة في تاريخ الإسلام والمسلمين. ففي رمضان وقعت معارك إسلامية حاسمة، تحقق فيها للمسلمين كثير من الانتصارات، كانوا فيها على أقوى قلب رجل واحد وبنية صادقة للشهادة في سبيل الله، انتصر فيها الإسلام على أعدائه، والله ينصر مَنْ ينصر دينه ويُعلي كلمته. غزوة بدر كانت أولى معارك الإسلام الفاصلة، بعد عامين من الهجرة النبوية، كانت معركة، بين الإيمان والكفر، بل حرباً ساحقة قضت على رؤوس الشرك، أكثر أعداء الإسلام والرسول قوة وصلابة في قريش. انتصرت فئة قليلة على فئة ضالة كثيرة بعدتها وعتادها،. ثم فتح الله لنبيه عليه الصلاة والسلام مكة، التي أخرجه المشركون منها على كره منه لفراقها، فكان للمسلمين (الفتح المبين)، حين دخل الرسول عليه الصلاة والسلام مع أصحابه من المهاجرين والأنصار مكة فاتحاً، في يوم مشهود جاء فيه الحق، وأُزهق المسلمون فيه بصدق إيمانهم وبسيوفهم الباطل، وحطموا الأصنام التي دَنّس بها المشركون بيت الله الحرام. وأحاطوا بها الكعبة. فكان وعد الله الذي لا يصدق إلا وعده، مع القلوب آمنت بصدق جهاده، انتصاراً للإسلام وقتال المشركين، فنصرهم الله بوعد منه وأذل أعداءهم وأنزل لهم من السماء جنوداً من ملائكته لتعينهم على نصر دينه وعباده المؤمنين. وكما كان البدء بنصر بدر والفتح المبين، كتب الله للمسلمين النصر في ملاحم ومعارك خالدة، تعد من أعظم فتوحات المسلمين وتُسَطّر في سجل أمجادهم، انتصرت جيوش الإسلام على جيوش الكفر والضلال في الشرق والغرب، وألحقوا بهم الهزيمة تلو الأخرى في ملاحم، القادسية، اليرموك، عين جالوت وغيرها، وامتد نفوذ الدولة الإسلامية من الأندلس غرباً حتى مشارف سور الصين العظيم شرقاً. كان المسلمون أقوياء بإيمانهم الصادق بقوله تعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم). وفي العصر الحديث كانت حرب العاشر من رمضان عام 1973م، حرباً أعادت المسلمين لسيرتهم الأولى، فقاتلوا اليهود بقوة إيمانهم وصدق النية وهزموهم، وتحررت سيناء ب(الله أكبر)، وبتحطيمهم خط بارليف الحصين، الذي اطمأن اليهود إلى أنه المانع لنصر العرب عليهم، تحطمت أسطورة جيش إسرائيل الذي لا يُقهر. هزم الجيش العربي المصري جيش إسرائيل وثأرت العرب لهزيمتها ونكستها عام 1967م. ليتنا نتذكر تلك الفتوحات والانتصارات، حيث كنا في قوتنا يُملي قادة جيوش المسلمين على جيوش الروم شروط النصر، واليوم أصبحنا ننتظر الذي يُمليه علينا الغرب، وننساق وراء ما يخططه لنا، ولنستلهم مواقف الشرف والإرادة، حين كنا مصدر قوة بوحدتنا وإيماننا برسالتنا. لم يطمع فينا الأعداء إلا لأن أيدينا تباعدت، وقلوبنا شتى، ولن يرضيهم إلا أن نتبع هويتهم والانقياد لهم على هواهم.