img class="wp-image-900811 " title="مراسل"الشرق" يستعد لنزول أحد الأنفاق من عينه الموجودة في الجانب الفلسطيني" src="http://www.alsharq.net.sa/wp-content/uploads/2013/07/523991.jpg" width="450" / مراسل"الشرق" يستعد لنزول أحد الأنفاق من عينه الموجودة في الجانب الفلسطيني كان الهدوء ملفتا للنظر ومدعاة للخوف، ففي الثامنة صباحاً من كل يوم، قبل عزل الرئيس المنتمي للإخوان المسلمين محمد مرسى، كانت منطقة الأنفاق الممتدة على الشريط الفاصل بين رفح الفلسطينية والمصرية أشبه بسوق كبير يدخله عشرات التجار الغزيين لاستلام بضائعهم المهربة عبر الأنفاق. لكن هذا الصباح كان الخراب يخيم على المكان من الجانبين، وآثار تدمير جرافات الجيش المصري للأنفاق من ناحيتهم بادية للعين المجردة، أراها بسهولة خلال جلوسي مع أصحابها الغزيين بالجهة الفلسطينية من الحدود والمنشغلين بالتفكير في مصير بضائعهم العالقة داخل الأنفاق التي لا يجرأون على استخراجها خوفاً من انهيار الأنفاق عليهم. كان واضحاً خلال طريقي من غزة إلى رفح أن شريان الحياة للغزيين قد أصابه الشلل جراء إغلاق الأنفاق التي كانت الممر الأساسي لتهريب مستلزمات الحياة إلى غزة، هكذا كانت حياة الغزيين منذ أن حكمتهم «حماس» عقب فوزها في الانتخابات 2006 وحاصرتها إسرائيل برا وبحرا، وحولت القطاع لسجن كبير يشكل فيه معبر رفح فوق الأرض والأنفاق تحتها منفذ الفلسطينيين الوحيد للعالم. شاهدت عشرات الجنود المصرين من حاملي الأسلحة الخفيفة والثقيلة منتشرين على الشريط الفاصل بين القطاع ومصر يراقبون حدودهم مع غزة التي يحميها الأمن الفلسطيني التابع لحكومة «حماس» لتفادي تسلل متطرفين من سيناءلغزة التي تزج وسائل إعلام مصرية باسمها في دائرة الصراع على السلطة بمصر. الخراب الذي حل بالأنفاق فوق الأرض كان دافعا لرؤيتها من الداخل لكن النزول إليها بالتزامن مع هدمها أمر يشبه الجنون المرتبط بالموت، وذهل عامل النفق الفلسطيني «محمد» الذي يعمل منذ أن كان عمره 16عاماً داخل الأنفاق عند طلبنا النزول داخل النفق لالتقاط صور لمواد البناء العالقة داخله. وقال محمد «الوضع خطير وصعب جداً العمق هو 25 مترا، ولا مزاح في الأمر، ولن أتحمل مسؤوليتك»، فأجبته بجديتي بأنني أنوي فعلاً النزول. فابتسم وسألني متأكد. فرددت عليه طبعاً متأكد. فنادى زميله وطلب منه أن يجهزني وأخبرني أن لا أتحرك داخل النفق إلا بعد أن يلحق بي إلى الأسفل. بدأت بالنزول 25 متراً وأنا أعد الأمتار حتى وصلت إلى قاع البئر تحت الأرض، ولم يستغرق الأمر من محمد إلا نصف ما احتجته من وقت ليكون واقفا بجواري ونبدأ نسير داخل النفق، وبعد عشرين مترا قطعناها في ممر تحت الأرض وصلنا إلى براميل محملة بمواد بناء فأخبرني أنها لم تتحرك من مكانها منذ بدء أزمة مصر، وهو ما يعني تكبيد التجار خسائر كبيرة إضافة لتوقف حركة البناء بغزة. «قلبك قوي» كلمة رددها محمد كسؤال لي ثلاث مرات قبل أن يدخلني من فتحة في نفقه إلى نفق جاره الذي هدمه الجيش المصري، قائلاً: «هذا نفق لتهريب الإسمنت هدمت فتحته من الجهة المصرية وبقيت الأخرى من الجهة الفلسطينية سليمة ويمكن ترميمه من خلال فتح طريق من الناحية المصرية إليه». وأضاف: منذ وقت ونحن نتعمد فتح طرق بين الأنفاق تحت الأرض لضمان سلامتنا كعاملين في حال انهار علينا النفق أثناء تهريب البضائع الأمر الذي قد يساعدنا في الخروج أحياء». سبع عشرة دقيقة هي المدة التي أمضتها «الشرق» تحت الأرض لكنها في ميزان الرعب والخوف والقلق تساوي عشرات الساعات، وما أن بدأت الرافعة بسحبي خارج النفق حتى شعرت بالنور يغمرني ويعيد الحياة إلى روحي، شعرت بأنه يمثل الأمل الذي ينتظره مئات الآلاف من الغزيين منتظرين عودة شريان حياتهم (الأنفاق) إلى الحياة. * .. ويبدأ رحلة النزول إلى الأنفاق * نفق تهريب من الداخل * جانب من النفق الذي دخله مراسل "الشرق" * جندي مصري يتمركز خلف جدار لمراقبة الحدود (الشرق) * جندي يتبع سلطة حماس يقف على الحدود بين غزة ومصر * برج مراقبة مصري على الحدود مع غزة