حصول الشخص على اعترافٍ في العالم الافتراضي لا يعني حصوله على اعترافٍ في العالم الحقيقي، والعكس صحيح! بعد أن انتشر موقع «تويتر» وتهافت الناس على استخدامه، لم يعد هناك حاجزٌ أو فارق بين المستخدم العادي والشخص المشهور أيّاً كان، فالجميع يحكمهم عالم «تويتر»! بعد أن انتشر ذاع صيت عدد من المغردين على جميع الأصعدة، فهناك المغرد الساخر وهناك الرياضي وهناك الكاتب والأديب، وكوّن كلٌّ منهم قاعدة جماهيرية كبيرة. أغلب المغردين المشهورين في «تويتر» من صنف الكتّاب هم من يكتبون الغزل، ولأن «المجتمع التويتري» – إن صحت التسمية – لم يطلع على النماذج الأدبية الجيدة وبالتالي لم ترتفع ذائقته الأدبية فإنه سيعجب بالجيد والسيئ من هؤلاء المغردين، ومع الوقت يكثر عدد المتابعين لهؤلاء الكتاب حتى وإن كانوا مبتدئين، وكثير منهم يتحمسون لردة الفعل التي يتلقونها من الجمهور فيعكفون على جمع تغريداتهم وبعض نصوصهم ونشرها في كتاب، وبمجرد ما يتم نزوله في معرض الكتاب فإن جمهوره سيشتريه، مما سيساهم في نفاد الطبعة الأولى والحاجة إلى الطبعة الثانية، ويبدأ الكتاب بالانتشار. وإذا نظر القارئ الجيّد المطّلع على النماذج الأدبية الرفيعة إلى هذا الكتاب – باعتباره مشهورا وطبع عدة مرات – وجد أن القيمة الأدبية لهذا الكتاب أقل من العادية ولا تستحق النشر من الأساس! حقيقةً أني قرأت كثيرا من هذه الكتب وذُهلت كيف لها أن تُطبع من الأساس! ولا أعلم هل الخلل من الكاتب نفسه، أم من المجتمع صاحب الذائقة العادية، أم من دار النشر التي وافقت على نشر مثل هذه الكتب! لن أكون متشائماً وأقول أن الأدب الحقيقي قد تلاشى، فالأدباء الجيدون ما زالوا موجودين ولله الحمد، ولكني سأكون واقعياً وأقول»إن الأدب الحقيقي في خطر»!