أعادت البوسنة أمس الخميس دفن 409 من ضحايا مذبحة سربرنيتشا بعد 18 عاما من أبشع المذابح التي شهدتها أوروبا. وحُمِلَت النعوش على مرأى من الآلاف ملفوفة بأغطية خضراء ووُرِيَت الثرى في مركز بوتوكاري التذكاري الذي يحوي الآن 6066 من شواهد القبور الرخامية البيضاء والخشبية. وكانت قوات صرب البوسنة قتلت نحو 8000 من الرجال والصبية المسلمين في المدينة خلال خمسة أيام عام 1995 قرب نهاية حرب اندلعت عام 1992 مع انهيار يوغوسلافيا وحصدت أرواح 100 ألف شخص. ولم يُعثَر حتى الآن على جثث بعض من قُتِلُوا في المذبحة الجماعية التي لا تزال تمثل جرحا مفتوحا. وقال العضو المسلم في رئاسة البوسنة بكر عزت بيجوفيتش «واجه ضحايا أبرياء لا حول لهم ولا قوة كراهية عمياء من جانب مجرمين أشبه بمجرمي معسكرات النازي في ألمانيا إبان حكم هتلر». وأضاف عزت بيجوفيتش، وهو ابن رئيس البوسنة خلال الحرب «ظللنا نسأل أنفسنا طيلة هذه الثمانية عشر عاما ما الذنب الذي اقترفه هؤلاء في تلك الأيام الحالكة ومع من؟» ومن بين من دفنوا أمس 44 فتى تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاما وطفلة رضيعة توفيت في مجمع تابع لقوات حفظ السلام الدولية، وتم استخراج رفاتهم من مدافن مجهولي الهوية بعد التعرف عليهم بناء على تحليل الحمض النووي. وقالت أم (62 عاما) فقدت ابنيها في المذبحة «أشعر كأني فقدتهما اليوم من جديد». ووقعت مذبحة سربرنيتشا في إطار سياسة تطهير عرقي نفذتها قوات القائد العسكري الصربي راتكو ملاديتش لإقامة دولة صربية بالكامل داخل البوسنة ذات التنوع العرقي. ويواجه ملاديتش وزعيمه السياسي رادوفان كاراديتش المحاكمة في لاهاي في تهم من بينها التطهير العرقي والإبادة الجماعية في سربرنيتشا، وينفي الرجلان تدبيرهما للمذبحة التي جرت. وأعادت المحكمة أمس الخميس توجيه تهمة أخرى بالتطهير العرقي ضد كاراديتش كانت أُسقِطَت عنه العام الماضي. وقال قضاة الاستئناف إن هناك أدلة تشير إلى أن كاراديتش كانت لديه نية للتطهير العرقي فيما يتعلق بالعنف في مقاطعات البوسنة. ولا يزال كثير من الصرب في صربيا والبوسنة متشككين في الأرقام والروايات الرسمية لما حدث في سربرنيتشا.