سبعون بالمائة من المنتجات والأفكار الخلاقة التي تطرح سنوياً تفقد فرصتها في المنافسة وتنتهي بفشل ذريع، والمحزن في الأمر أن السبب لا يكون في الغالب رداءة المنتج، بل يكون إدارياً أكثر من كونه فنياً. ومن الممكن تصنيف أسباب ذلك الفشل إلى ثلاثة نقاط رئيسية: التسويق الفاشل، السعر غير العادل، والتخطيط غير الدقيق عند إطلاق المنتج. ولو أخذنا شركة آبل كأنموذج للفشل المتكرر، لوجدنا أنها كانت تنتج تقنيات جبارة لكنها تفشل في تقديمها، مما سبب انخفاض الطلب على منتجاتها في فترات معينة. إلا أن المميز في آبل أنها كانت تتدارك أخطاءها دائماً، وتتعلم من فشلها كل مرة، لذا فقد نجحت في العقد الأخير نجاحاً باهراً. وكمثال فعندما أطلقت آبل أول نظام تشغيل بواجهة رسومية “أبل ليزا” عام 1983، لم يكن انتشار هذا المنتج ممكناً بسبب ارتفاع سعره بشكل كبير مقارنة بأنظمة التشغيل المطروحة، وذلك كلفها الكثير، لكنها سرعان ما تداركت تلك المشكلة في العام التالي وأطلقت نظام ماكنتوش بميزات أقل وسعر مناسب، فوصل منتجها عنان السماء. ومن ناحية التخطيط ، فقد استعجلت آبل مثلاً في طرح أول جهاز محمول لها عام 1989 ففشل فشلاً ذريعاً نظراً لوزنه الضخم بالمقارنة مع كونه جهاز محمول. ولأن آبل تستفيد دائماً من فشلها، فقد أنتجت نسخة معدلة منه بعد عامين ولقي نجاحاً كبيراً. وعلى النقيض، فإن التأخر في إطلاق بعض المشاريع كلفها الكثير أيضاً، وذلك كان أحد أسباب فشل المساعد الرقمي الكفي لآبل Newton لأنها كانت تود تصدير التقنية بشكل “أكثر إبداعاً من اللازم”. وفي بداياتها، كانت آبل لا تلتزم بالمعايير العالمية والمقاييس المعروفة مقارنة بمايكروسوفت و IBM فأوقعتها سياستها المغلقة في عزلة عن المستخدم البسيط، واتخذت خطاً نخبوياً لا يفيدها اقتصادياً. وبخلاف آبل، فإن بعض الشركات كانت تمارس سياسات تضمن نجاح منتجاتها، حتى وإن كانت سياسات غير نزيهة. “الحياة غير عادلة، استغل ذلك”، هذا ما مارسته شركات عديدة مثل قوقل ومايكروسوفت حين كرست مبدأ الاحتكار والسيطرة على السوق، بل وحاولت في كثير من الأحيان تحطيم المنافسين وإقصائهم من السوق نهائياً. ولأن الحرب لم تكن عادلة يوماً، فإن مايكروسوفت لم تكن ترحم منافسيها أبداً، وهو ما مارسته في منتصف التسعينات. ففي حين كانت المنافسة مشتعلة بين متصفحي Internet Explorer التابع لمايكروسوفت ومتصفح Navigator التابع لشركة Netscape، وعندما أيقنت مايكروسوفت عدم قدرتها على تخطي خصمها الشرس بالطرق الشريفة، فقد عمدت لتضمين متصفحها في نظام الوندوز مجاناً وبشكل افتراضي، وهو ما أسقط النتسكيب بالضربة القاضية. وقبل ذلك، كان للسياسة التسويقية دور هام لدى “مايكروسوفت” و”نيتسكيب” على حد سواء، فقد كانت المنافسة الدعائية على أشدها إلى درجة أن مايكروسوفت قامت عند إنتاجها متصفح إنترنت إكسبلورر 4 بتعليق لوحة دعائية أمام شركة نتسكيب تحمل شعار متصفحها الجديد، وجملة “We Love You”، وفي اليوم نفسه أزال موظفو “نتسكيب” اللوحة ووضعوا ديناصوراً كبيراً وهو الشعار الداخلي لمنتجهم مع جملة “Netscape 72, Microsoft 18′′ في إشارة لحصتهم من سوق المتصفحات! ولأن الشعارات التسويقية أو ما يسمى Punchlines كانت دوماً عاملاً مهماً في نجاح الفكرة المطروحة، فإن هذا بالضبط هو ما استغلته شركات التقنية بشكل فعال. فمثلاً، من ينسى شعارات مثل “Connecting People” لنوكيا، وشعار مايكروسوفت “Where do you want to go today” وشعار اتش بي “Everything is Possiple” وشعار آبل “Think Different”. بالإضافة إلى الدعايات الإعلانية المبهرة، كدعاية آبل الشهيرة في 1997 [اضغط هنا]. لا بد من الانتباه لنقطة مهمة في نجاح أي منتج جديد ؛ لا تستعجل النتائج، فقد يكون منتجك هو أعظم منتج بالسوق يوماً ما، ولكنك فقط لا تستطيع ملاحظة ذلك في الوقت الحالي. ولنا في “رونالد وين” العبرة ، الشريك المؤسس لشركة آبل والذي باع حصته من الشركة في 1978 بمبلغ 800 دولار فقط، بينما كان من الممكن أن يتضاعف ذلك المبلغ بعد أربع سنوات فقط ليصبح 100 مليون دولار! أخيراً، تمثل “القدرة التسويقية” للمنتج أهم أركان النجاح المالي للشركة، فعندما سُئل “بيل قيتس” ذات مرة فيما لو كان لديه 1000 دولار، كيف سيستغلها؟ قال: سأستثمر دولاراً واحداً في مشروع، و 999 دولاراً في التسويق له !