مصفوفة حقائبي على رفوف الذاكرة، والسفر الطويل.. يبدأ دون أن تسير القاطرة!، رسائلي للشمس .. تعود دون أن تُمسّ!، رسائلي للأرض.. تُردّ دون أن تُفضّ! يميل ظلّي في الغروب دون أن أميل! بجانبنا يتظاهرون بالعلو، لا يمكنهم رؤيتنا لأننا فوق مد بصرهم، يظنون بأن أحداً لن يجاريهم، يظهرون التواضع بأنفس تزداد أنفةً تشمئز منها. أحببناهم، جعلناهم قدوة، أهديناهم منزلة خاصة، ننظر إلى مسيرتهم وكيف بدأوا بإعجاب ونتطلع أن ننهج منهجهم، كلما تصافحوا مع تلك الأضواء وضمتهم الشهرة يخبروننا عن مشوارهم الطويل المزيف وينهون حديثهم بجملة لا شيء مستحيل، هم صدقوا، لا مستحيل في تقمص الشخصيات في الكذب على الأرواح البريئة، لا مستحيل عند التخطيط لخيبات الآخرين وفي الصعود على الجثث المتحركة، يعيشون على بيع أحرف مخادعة، هم خلقوا لتجازف الدنيا من أجلهم ونحن خُلقنا لنجازف حتى نعيش. يوهموننا بأنهم يستطيعون وأنهم كانوا مثلنا يعانون وبأنهم يتبنون جميع المواهب وأنهم سبب نجاح الكثير، يقودون الجمعيات والمجموعات ليدسوا السُم أينما ذهبوا لئلا يقتفي أثرهم أحد، ينفخون لنا الأمل على شكل فقاعات لنصعد بداخلها وسرعان ما يخرجون الإبرة ليقتصوا ظلماً من تلك الأماني التي عشنا من أجلها. وجوه كاذبة وصلت إلى القمة وأخذت ترمي بالحجارة على المتسلقين، بارعون في وضع المساحيق ليخفوا حِدة ملامحهم وتفاصيل وجوههم التي تفضح نياتهم الرديئة. مصابون بمرض العظمة يريدون اختزال كل شيء لهم، يكرهون الموهوبين ويعادون عباقرة الإبداع الذين بقوا في الخفاء ولم تكتشفهم الأضواء. هؤلاء من جعلناهم قدوة، أشخاص غامضون مخيفون لا يؤتمن جانبهم يتلذذون بالنظر إلى أعيننا وقد محقوا منها البريق، يتشوقون أن يروا أجسادا خاوية بلا طموح، لتخرج هي وتتفلسف قائلة لا شيء مستحيل، بعد ماذا يا سيدي؟! أنتم هو المستحيل الذي يقف عقبة أمام سطوع شمسنا. قال: أنا لم أقل شيئاً ولم أفعل شيئاً للآخرين… لأني أخشى بأن ترمقوني بهذه النظرة.. فالآخرون هم الذين يتوهمون.