لأن الحياة الواقعية التي نعيشها على مستوى الفعل المباشر لا تعدو كونها حياة ميكانيكية باردة تهمش الجزء الأهم فينا وهو الجزء الإنساني العقلي العاطفي وتطلب منا فقط أن نلعب دور البقرة الحلوب أو ثور الحراثة!. نحن نغرد لأننا نخشى فقر التجربة في هذه الحياة، أن لا تعرف أحدا ولا يعرفك أحد، أن تتحول إلى روبوت آلي مكتوب عليه تاريخ عمره الافتراضي في ورشة العمل!. كل شخص في هذه الحياة يعتقد أن لديه تجربة ثرية لأننا نقيس تجاربنا بالنسبة لمعاناتنا وكل شخص لا بد أن تكون له معاناة في الحياة ولهذا أعتقد أن هذا المقياس ليس صحيحا تماما. المعاناة ليست أصلا من أصول التجربة الثرية ولكن التنوع وعمق المعايشة للأشياء هي أصل التجارب الثرية. لا يشترط من وجهة نظري أن تكون المبادئ المطروقة في التجربة ذات بعد فكري أو قيمي كبير لأننا حين نتحدث عن العمق فكل الأشياء ستكون عظيمة وقيمة. هاجس التجربة الثرية هو الهاجس الذي يسيطر على عقل الإنسان الحديث، هوايات مثل تسلق الجبال والتصوير الفوتوجرافي والتدفق الهائل للتعبير في وسائل الاتصال الحديثة ومحاولة اكتشاف الآخرين بشكل محموم هي نوع من أنواع ذلك الهاجس فنحن لم نعد نكتفي بشخصية واحدة ولا حتى عالم واحد نعيش فيه. ليست كل أحلامنا تتحقق وليست الحياة قابلة لأن تجمع لشخص واحد، أنت ستعيش تجربتك الخاصة وعليك أن تحدد أهدافك، عليك أن تختار منهجا من تلك المناهج الثلاثة لتحيا عليه هذا إن أردت النجاة التقليدية أما إن أردت التجربة الثرية فعليك أن تدفع ثمنها دون أن تنصب لنفسك محاكم تفتيش تعدم فيها بعضا منك كل حين وتجلد نفسك كلما ندمت، وتذكر دائما أنك بين خيارين إما أن تخضع لرضى عنصر خارجي أو أن تخضع لرضى نفسك قبل كل شيء ولا يوجد خيار ثالث!.