يعد الأستاذ خليل الفزيع -رئيس نادي المنطقة الشرقية الأدبي- أحد القامات الوطنية في مجال الصحافة والثقافة والأدب، وقد التقيته في مكتبه بمقر النادي قبل أربعة أشهر، وأجريت معه لقاء مطولا تم نشره في عدد (مارس وأبريل 2013) بمجلة الخفجي، وقد تناول اللقاء محاور عدة لهذه الشخصية الرائعة وغطى جوانب كثيرة على مدى خمسة عقود من الإبداع والعطاء، بدأ الفزيع حديثه عن سنوات الطفولة، حيث قال: ذكريات الطفولة كثيرة يطول ذكرها، ارتبطت بمكان الولادة والمنشأ، ولا تزال تلوح في أفق الذاكرة عندما تستدعيها مناسبات ترتبط بها من قريب أو بعيد، وعاء هذه الذكريات أرض خصبة بالمحبة، تغفو على أحلام كبرى لمعانقة الرغبة في التطور، قرية وادعة هي جارة البحر لقربها من مدينة العقير التي وأدها الإهمال، وبدأت مؤخرا تنفض عن كاهلها غبار تلك السنين العجاف التي عاشتها على هامش التنمية.. ذكريات الطفولة والشباب ارتبطت بتلك البلدة الجميلة «الجشة».. أحداث وأصدقاء، وطيش أريقت دماؤه على سفوح العبث الشبابي البريء، وملامح من نزق مبعثه الفراغ وفورة الشباب والرغبة في إثبات الذات. ومما قال عن علاقته بالصحافة: بدأت علاقتي بالصحافة منذ كنت طالبا في المعهد العلمي، من خلال صحف الحائط التي كان يصدرها طلاب المعهد تحت إشراف أساتذتهم، وكان الشيخ سليمان الفالح -أطال الله في عمره- وهو أحد أولئك المدرسين قد نصحني بالخروج من إطار الصحافة الحائطية إلى الصحافة المطبوعة، فعملت كمراسل رياضي لجريدة «الخليج العربي» ثم تطورت العلاقة بالصحافة من خلال العمل الجزئي في الجريدة نفسها، بعد انتقالي للعمل في الدمام، وكانت ملكية الجريدة قد آلت إلى علي بو خمسين بدل صاحبها ومؤسسها عبدالله الشباط، وكذلك الكتابة في «اليمامة» و«الجزيرة» و«الرائد» و«قريش»، قبل صدور صحافة المؤسسات، ومع صدور جريدة «اليوم» عام 1965م في ظل نظام المؤسسات الصحفية، أصبح مديرها العام هو الشيخ عبدالعزيز التركي، الذي وجهني -كما وجه بعض العاملين معه في التعليم- للعمل في الجريدة، ومنهم المناضل الفلسطيني الشهيد ماجد أبو شرارة، وكان حينها يعمل مدرسا في إحدى مدارس القطيف، وقد اغتيل في روما على يد الموساد بعد انضمامه لفتح. وعن الكتابة قال: الكتابة في الأساس عشق تسانده موهبة نمت، وانصقلت مع مرور الزمن، وإن أفضت بعد ذلك إلى الاحتراف، لكني ما زلت أتعامل مع الكتابة كعاشق تستهويه هذه الوسيلة للتعبير عن الذات، ولإثبات الوجود في الوقت نفسه، وهي بالنسبة لي ليست ترفا، بل مسؤولية تفرض الالتزام بقضايا الإنسان المصيرية، وحريته وكرامته، والإسهام في تشخيص همومه ومشكلات حياته، أما الكتابة الصحفية فلها شروطها الخاصة، وهي تستهلك وقت الكاتب على حساب كتاباته الإبداعية، فالكتابة الإبداعية تحتاج إلى مزيد من الوقت والتأني، وهذا ما لا تحتاجه الكتابة الصحفية الميسورة والمتاحة للكاتب في أي وقت يشاء.. قد تمر شهور دون كتابة أي نص إبداعي، بينما الكتابة الصحفية تواكب الأحداث والأحداث لا تتوقف، وبذلك تكون الكتابة الصحفية ذات تأثير سلبي على القاص أو الشاعر من حيث استهلاك وقته وطاقته. وقال: أعتقد أن الصحافة الورقية -في عالمنا العربي- ستظل وإلى أمد بعيد هي المتصدرة للإعلام المقروء، والإعلان هو روح الصحيفة، ومصدر تمويلها، والمعلن لدينا لم يثق بعد بالصحافة الإلكترونية؛ لوصول إعلانه إلى الفئات المستهدفة، خاصة مع انخفاض نسبة المتعاملين مع الصحافة الإلكترونية، مقارنة بما هي عليه في الغرب.. طبعا نحن أمام نموذج جديد للإعلام، وسطوته تتزايد يوما بعد يوم، لكن الصحافة الورقية ستبقى، أما إلى متى ستبقى، فهذا الأمر علمه عند الله. ومن حديثه عن دولة قطر قال: أنا مرتبط بقطر أسريا، بعد أن كنت مرتبطا بها مهنيا، عندما أنشأت هناك مع أحد الإخوة القطريين مؤسسة «العهد» للصحافة عام 1973م وحتى عام 1981م بعدها عدت للعمل في جريدة «اليوم» التي بدأت العمل بها منذ صدور عددها الأول أي قبل سفري إلى قطر، وفي «اليوم» تنقلت في عدة وظائف من محرر إلى سكرتير تحرير إلى مدير تحرير فرئيس تحرير، ثم تركت كرسي رئاسة التحرير، أو هو تركني؛ لأتفرغ لأعمالي الخاصة عام 1993م. وقد ذكرته بتغريدة له في تويتر قال فيها: «قينان الغامدي.. أنت في ضمير الوطن وقلوب أبنائه.. أينما حللت أو رحلت» ثم سألته: أهي رسالة إلى صديق أم إلى صحفي؟ فكان جوابه: هي رسالة وجهتها إلى صديق وصحفي في الوقت نفسه.