انتقد رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية خليل الفزيع موقف منتقدي النادي، مؤكدًا أن هؤلاء المنتقدين من أكثر الناس عزوفًا عن المشاركة في أنشطته، وأنهم يمتطون موجة الكتابات التنظيرية دون معرفة بواقع النادي وما يكتنفه من ملابسات لم تتعرض لها الأندية الأخرى، داعيًا إياهم لتقديم مرئياتهم ومقترحاتهم لتطوير العمل في النادي، كذلك اشار الفزيع إلى أن تكليفهم بإدارة العمل في أدبي الشرقية محدد الأهداف ويأتي على رأسها تهيئة الظروف الملائمة لإعادة الانتخابات، مبينًا أن المشكلات الكثيرة التي تعرضت لها الأندية الأدبية مؤخرًا مكنت وزارة الثقافة والإعلام من تكوين رؤية واقعية وواضحة لتعديل لائحة الأندية الأدبية بما يسد الثغرات التي تبدت فيها لاحقًا.. وحول تجربته القصصية أشار خليل إلى أن مجموعته «سوق الخميس» هي الأولى من حيث الكتابة وليس من حيث الإصدار في المنطقة الشرقية، لافتًا إلى أنه يتعامل مع المرأة في الحياة وفي عالمه القصصي بعيدًا عن التعقيد والأحكام الإقصائية المعلبة.. قراءة الفزيع لتجربته مع الصحافة، وظروف تسنمه لرئاسة تحرير صحيفة «اليوم»، وقراءته للمشهد الثقافي السعودي والخليجي، ومبعث اختلافه مع الناقد العراقي الدكتور عبدالله إبراهيم، وغير ذلك من المحاور في سياق هذا الحوار... أهداف محددة * تعرضت إدارتكم لمجلس أدبي الشرقية للكثير من الانتقادات.. فكيف واجهتم الأمر؟ الانتقادات من الأمور الطبيعية التي يواجهها كل من يعمل في المؤسسات ذات العلاقة بالناس، وأغلب ما وجّه للنادي هي ملاحظات حول ما حدث فيه من إرباك نتيجة بعض الممارسات الإجرائية التي لا علاقة للإدارة الحالية بها، بل هي بين الوزارة والإدارة السابقة، والإدارة الحالية معينة لأهداف محددة، تفضي لإجراء انتخابات تحدد موعدها الوزارة بعد الانتهاء من الأمور العالقة بينها وبين إدارة النادي السابقة، والتي نتمنى أن تنتهي سريعًا لتعود المياه إلى مجاريها في النادي، ومعظم الذين ينتقدون أداء النادي هم أكثر الناس عزوفًا عن المشاركة في أنشطته. مع أن أبوابه مفتوحة للجميع، ولا يوجد ما يبرر الارتهان بالأشخاص في التعامل معه، وسيكون النقد أجدى وأكثر فائدة إذا حضر هؤلاء النقاد وشاركوا في أنشطته، وقدموا مرئياتهم ومقترحاتهم لتطوير العمل في النادي، أما الكتابات التنظيرية دون معرفة الواقع فهي موجة يمتطيها بعض الكُتّاب الذين لا يعرفون إمكانيات النادي وظروفه وما يكتنف واقعه من ملابسات لم تتعرض لها الأندية الأخرى، بعض الذين انتقدوا النادي عندما طلبنا منهم المشاركة في إحدى الأمسيات رفضوا، فكيف يستقيم هذا الموقف مع رغبتهم في تطوير العمل في النادي! مشروعات ومهمة أساسية * وفقًا للهدف المحدد الذي أشرت إليه.. ما هي خططكم المستقبلية حقبل الوصول إلى مرحلة الانتخابات؟ الخطط موجودة وهي مرحلية يعلن عنها في حينها وأهمها الآن هو استكمال مشروع المبنى المعطل منذ سنوات بعد أن تم إجراء بعض التعديلات على مخططاته القديمة، واكتمال أعضاء المجلس إلى عشرة بدلًا من أربعة، سيعجّل حتمًا بتنفيذ مشروعات النادي، لأن ما يمكن أن يقدمه العشرة سيكون أكبر مما يمكن أن يقدمه الأربعة.. إضافة إلى أن وجود الأعضاء الجدد سيضيف رؤى جديدة حول فعاليات النادي وأنشطته المختلفة.. وسيساعد على اكتمال تكوين لجانه العاملة، إضافة إلى أن وجود امرأتين في المجلس سيتيح دورًا أكبر للمرأة ومشاركاتها في فعاليات النادي، وسيحقق لها حضورًا ثقافيًا لافتًا بإذن الله، فالمنطقة فيها من المثقفات ما يمكن أن يحقق للنادي وللحركة الثقافية في بلادنا ثراءً ثقافيا واسعًا، أما المشروعات الثقافية في النادي فهي تسير في الاتجاه الذي رسمت خطوطه لائحة الأندية الأدبية، وحدده اجتماع رؤساء الأندية الأدبية الأخير في الطائف، وبلورت ملامحه آراء وأفكار أعضاء مجلس الإدارة، وفيما يتعلق بالنشر فقد اتفقت إدارة النادي مع إحدى دور النشر الوطنية لطباعة وتوزيع إصداراتها، وهناك عدد من إصدارات النادي الإبداعية سترى النور قريبًا بإذن الله، دون أن يصرفنا ذلك كله عن مهمتنا الأساس وهي تهيئة الظروف الملائمة لإعادة الانتخابات وفق رؤية واضحة وحسب ما أقرته لائحة الأندية الأدبية. رؤية واقعية * على ذكر اجتماع الطائف.. كيف تنظر إلى لائحة الأندية الأدبية؟ لائحة الأندية الأدبية كأي عمل بشري لن تحقق الكمال، لكن من خلال الممارسة برزت بعض العيوب التي أزعجت المثقفين والوزارة في الوقت نفسه، لذا طلبت الوزارة من المثقفين موافاتها بمقترحاتهم حول تعديل هذه اللائحة، وأعتقد أن الوزارة بما واجهته من المشكلات التي تعرضت لها الأندية الأدبية، أصبحت تملك رؤية أكثر واقعية لتعديل بنود هذه اللائحة، والاقتراحات كثيرة حول هذا الموضوع. رصيد الذاكرة * بعيدًا عن الإدارة ومتاعبها.. ماذا بقي في ذاكرة الفزيع من طفولته في الأحساء؟ بقي الكثير مما تختزنه الذاكرة من تلك الطفولة البعيدة، ذكريات عشتها مع أقران الطفولة والشباب، وعادات وتقاليد اجتماعية اختفت أو كادت كانت تحكم المجتمع وأفراده، وصور من ملامح الحياة وما ينسج حولها من حكايات وقصص وأمثال، وهذا الرصيد من ذاكرة الماضي استفدت منه كثيرًا في أعمالي القصصية، وخاصة في مجموعاتي القصصية الثلاث الأولى «سوق الخمس» و»الساعة والنخلة» و»النساء والحب». نافذة الشهرة * في ضوء استفادتك من رصيد الذاكرة في مجموعاتك.. ماذا كانت تعني لك القصة القصيرة؟ تعتبر بداياتي مع كتابة القصة مبكرة نسبيًا، ليس هذا فقط، ومنذ بدأت كتابة القصة القصيرة في أوائل سبعينيات القرن الميلادي الماضي لم أتوقف عن ممارسة هذا الفعل الإبداعي الجميل. فالقصة القصيرة تعني الكثير بالنسبة لي، فبها وضعت أقدامي على تخوم التعاطي مع الكتبة، ومنها كانت انطلاقتي إلى عالم الإبداع، وإليها يرجع الفضل فيما تحقق لي من مكانة أدبية أفرزت 23 كتابًا في القصة والشعر والنقد والثقافة العامة، و4 مؤلفات عن كتاباتي ألفها بعض المهتمين بالنقد الأدبي، هي «خليل الفزيع وعالمه القصصي» لجاسم علي الجاسم، و»الفزيع بين الصحافة والأدب» للدكتور محمد الصادق عفيفي، و»خليل الفزيع والشعر» لمبارك بوبشيت وآخرون و»لقاءات صحفية» لمحمد علي الخلفان. إلى جانب العديد من الدراسات المنشورة في الصحف وبعض المواقع الإلكترونية. اتساق ومواءمة * الصحافة زاحمت القصة في عالمك لاحقًا.. فإلى أيهما تميل؟ القصة هي عشقي الأول، لكن لا بد من التأكيد على أن الصحافة هي مجال الممارسة الدائمة، والكتابة الصحفية هي الرئة التي يتنفس بها الكاتب ليمارس حياته، ويواجه تحديات هذه الحياة، وليس هناك ما يمنع من الجمع بين الكتابة الإبداعية والكتابة الصحفية، ولكل منهما أهدافه وأدواته، وإذا تمكن الكاتب من امتلاك ناصية الكتابة وتطويع أدواتهما في الحالتين، فلن يستطيع الاختيار بين إحداهما دون الأخرى. أنا شخصيًا أتعامل مع القصة والصحافة بنفس القدر من الاهتمام والعناية. من أول السلم * على أي وجه تنظر إلى تجربة استلامك لرئاسة تحرير صحيفة «اليوم»؟ هي فترة من الفترات الخصبة بالعطاء في حياتي، خاصة أني جئت لإدارة اليوم من رحم المهنة، بعد أن مررت بدروبها المؤدية إلى إدارتها العليا. حيث بدأت من أول درجات السلم، مراسلًا محليًا ثمّ موظفًا في الأرشيف، ثم مصححًا لبروفات الطباعة، ثم محررًا صغيرًا وتدرجت وتدربت في جميع الأقسام والمناصب الصحفية حتى وصلت إلى منصب رئيس التحرير، وهي فترة استغرقت نصف حياتي تقريبًا.. وقد ألقت بظلالها على بقية سنوات عمري. مقالة بين طريقين * بوصفك كاتب مقالة صحفية.. إلى أي مدى ترى أهمية المقالة في حياة الناس؟ أنت كاتب صحفي أيضًا وتعرف أهمية المقالة الصحفية في حياة الناس، فهي تعكس همومهم، وتجسد أحلامهم في الغد الأفضل، وتنقل مشكلاتهم ومطالبهم إلى المسؤولين، وتسهم في تصحيح مسار التنمية إذا اعتراها بعض القصور، هكذا أفهم المقالة الصحفية، أما إذا انحرفت عن هذه الخطوط العريضة والواضحة، إلى المجاملة والنفاق والتطبيل لهذا المسؤول أو ذاك، والتأثر بالمصالح والعلاقات الشخصية، فإنها تفقد أهميتها، وهي في هذه الحالة لا تفيد لا المسؤول ولا المواطن ولا الوطن. اتساع الدائرة * أدب الرحلات اهتم برصد واقع الحياة في السابق.. فكيف يمكن إعادته للمشهد على نحو مثمر ومفيد؟ رصد واقع الحياة هو جانب من جوانب يهتم به أدب الرحلات، ومع وجود الفضائيات، واتساع وسائل المعرفة والاتصالات الحديثة، لم يعد رصد واقع الحياة هدفًا رئيسًا لأدب الرحلات، بل اتسعت دائرة اهتمام كتابه بالجوانب الأخرى، مثل تسجيل مرئيات الكاتب ووجهات نظره حول مشاهداته، وتحليل الظواهر الثقافية التي تلفت نظره، والتعمق في فهم جذور تلك الظواهر الثقافية ومدى تأثيرها على الحياة العامة، إلى جانب الاهتمام بالحياة العلمية والاقتصادية والسياسية والتاريخية، دون تجاهل المواقف ذات الدلالات الإيجابية، إذا واجهت الكاتب في ظروف معينة.. ثم إن لكل كاتب أسلوبه في تعامله مع أدب الرحلات. تراجع وازدهار * الرواية تتسيّد المشهد اليوم.. فكيف تستطيع القصة القصيرة مجاراتها؟ ليس مطلوبًا من القصة القصيرة أن تجاري الرواية، فكل فن يتحرك في مساره دون أن يكون هدفه مجاراة الفنون الأخرى التي تكتسب أهميتها من خلال المعايير الفنية الخاصة بها، وليس من خلال مجاراتها لغيرها من الفنون، وكل الفنون قابلة لأن تمر بفترات من التراجع ثم لا تلبث أن تعود إلى سابق عهدها من الازدهار. بعيدًا عن المعلبات * من أي النوافذ دخلت المرأة في عالمك القصصي؟ المرأة مكون أساس للوجود الإنساني، ولا مجال للتعامل معها من خلال النظرة التفريقية التي تعزلها عن إنسانيتها، وهي بالنسبة لي كقاص شخصية ذات موقف إيجابي حيال قضايا الإنسان والوجود، بعيدًا عن التعقيد والأحكام الإقصائية المعلبة. سوق الخميس * هل صحيح أن مجموعتك «سوق الخميس» كانت من أولى المجموعات القصصية في المنطقة الشرقية؟ نعم، وإن كان هناك في الأحساء من كتبوا القصة في ذلك الحين، لكني لا أعرف من أقدم منهم على نشر قصصه في كتاب.. وهي الأولى من حيث الكتابة، وليس من حيث الإصدار، حيث تدخلت بعض العوامل في تأخر صدورها، وكان مفترضًا أن تصدر في بيروت، لكن ظروف الحرب اللبنانية حالت دون ذلك، لتصدر لاحقًا عن نادي الطائف الأدبي. ضد التجزئة * كيف ترى الحركة الثقافية للمملكة خاصة وللخليج عامة؟ الحركة الثقافية في المملكة والخليج خطت خطوات كبيرة في مجالاتها المختلفة، وهي في النهاية جزء من الثقافة العربية التي لا تعرف التجزئة أو التقسيمات الإقليمية، وأتمنى أن يكون للحركة الثقافية في المملكة والخليج حضور عربي وعالمي لافتًا من خلال المؤتمرات والملتقيات والأسابيع الثقافية المختلفة، كما أتمنى أن تنشط أكثر حركة الترجمة والنشر والتوزيع للمطبوعات الإبداعية والثقافية التي تصدر في دول الخليج العربية. كلام غير مقنع * «القصة القصيرة شكل فردي ثانوي مغلق مما يدفع بها إلى التلاشي مع مرور الوقت».. هكذا يراها الناقد العراقي الدكتور عبدالله إبراهيم.. فما ردك؟ هذه مجرد وجهة نظر لا تعتمد على استقراء علمي دقيق، وقد ناقشت الدكتور عبدالله إبراهيم في هذه المسألة في أحد لقاءاتي به في الدوحة، لكني بصراحة غير مقتنع بهذا القول. وفي يقيني أن القصة القصيرة تزداد رسوخًا في نسيج الإبداع السردي، قد تتغير أساليبها وتتطور أشكالها، وهذا أمر طبيعي، لكن أن تتلاشى فهذا أمر صعب التصور. عناصر الجذب * في أحد المهرجانات أشرت إلى أن النشاط الثقافي غير جاذب للعديد من الزوار.. ما السبب في ذلك؟ هذا صحيح، لأنه نشاط نخبوي، وحضوره هم من الباحثين عن النوع، لذلك لا سبيل لجذبهم بغير التركيز على النوع باختيار الموضوعات والشخصيات ذات المستوى الجاذب.