محمد صالح النعيم لا أعرف من أين أبدأ كلماتي، ولا كيف أسطر أحرفي؟ إذ تتعثر الكلمات في خلجاتي، فقد كانت لحظة التلقي للنبأ الذي هزّ كياني خبر وفاة الناقد الكبير الأديب الأستاذ الدكتور عثمان موافي رحمه الله ليكون يومي مملوءاً بالسحب الكثيفة المتراكمة التي غطت سماء الكون، فجعلت النهار في عيني وكأنه ليل لم أعهد ذلك المشهد ولا الشعور به من قبل ولا أقول إلا ما يقوله المؤمنون الصابرون (إنا لله وإنا إليه راجعون) رحمك الله يا فقيد الفكر والأدب رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته وألهم ذويك الصبر والسلوان، فقد تأصَّلَ احترام وتقدير عظيم في قلوب محبيك وسطرت أحلى ذكريات معهم كانوا يحملون معك ذكريات سنين طويلة فكيف يكون حالهم في غيابك الأبدي؟ نعم، كيف يكون حال الأستاذ الدكتور ربيع عبدالعزيز الذي عرفتك من خلاله بما يحمل في جعبته معك من الذكريات الجميلة التي جعلته دائماً يتحدث عن ذكرياتكما في كثير من اللقاءات في المناسبات والمحافل والاجتماعات بما فيها اجتماعاتنا عبر منبر الإثنينية الثقافية وجلساتنا الاجتماعية الخاصة متحدثاً عن مناقبك وأخلاقك وكرمك وطيب معشرك ما جعلني ألاحظ من تكراره أن لك تقديراً ومعزة في نفسه فتولدت لدي الرغبة للتعرف بك بواسطته عبر الهاتف من السعودية وأبلغتك أن إثنينية النعيم الثقافية بالأحساء تنوي تكريمكم في مصر وذلك بعد التنسيق مسبقاً مع الدكتور ربيع بهذا الشأن وقبلت الدعوة مشكوراً بعدها بدأت مع الأستاذ الدكتور ربيع الإعداد لتكريمكم تخللتها اجتماعات كثيرة واتصالات مع أطراف عدة منهم الأستاذ الشاعر سمير فراج والدكتور محمد أبو الشوارب وغيرهما من القائمين على إعداد المؤتمر والذي تقرر أن يكون التكريم في الإسكندرية وقد تم ذلك التكريم بتوفيق الله وأقيم مؤتمر بهيج يليق بمقامكم في قاعة المؤتمرات بكلية الآداب جامعة الإسكندرية في 12/ 8/ 2007، وقد جمعت اللجنة المنظمة للمؤتمر بحوث المشاركين وطبعت في كتاب تذكاري مميز محكم علمياً «الأستاذ الدكتور عثمان موافي بين الأصالة والمعاصرة»، ولا ننسى كرمك المتأصل فيك فعلاً أثبت ذلك بجدارة مصداقاً لأخي الأستاذ الدكتور ربيع أنك كريم والكرم متأصل فيك أباً عن جد حينما استضفت جميع المشاركين في مؤتمر تكريمكم على غداء، واخترت موقعاً مميزاً في نادي أعضاء هيئة التدريس بالإسكندرية في ذلك المكان البهيج ونحن وجميع الحضور نستمتع بالأجواء الجميلة المنعشة بين أحضان الطبيعة وأمواج البحر المتلاطمة فعلاً إنه يوم لا ينسى وكم شاعر في ذلك اليوم أبدع بقصيدة جميلة وكم كاتب دوّن مقالةً رائعة.. رحمك الله يا أستاذنا عثمان رحمة واسعة وجعل ذلك في موازين أعمالك، وبعد إقامة مؤتمركم بسنوات عزمت الإثنينية كعادتها إقامة حفل تكريم للناقد الكبير الأستاذ الدكتور أحمد درويش وحينما بدأت إجراء اتصالاتي بالمشاركين المقترحين كان الدكتور عثمان ضمن القائمة وقد اتصلت عليكم لإمكان المشاركة معنا بورقة عمل أو حضور لتكريم الدكتور أحمد درويش وقد اعتذرت عن المشاركة لعدم تمكنك بسبب ظروفك الصحية وقد لاحظت من خلال محادثتك أنك في وضع لا يسمح لك بالمشاركة ولا حتى الإطالة بالمحادثة عبر التلفون ، وقد أخبرت كلاً من الدكتور ربيع عبد العزيز والدكتور أحمد درويش أنك اعتذرت بسبب ظروفك الصحية واستغربا حينها وهما معذوران لأنهما لا يعرفان أن صحتك ستصل إلى هذا الحد وحينما تلقينا نبأ وفاتكم وتبادلنا التعازي أخبراني أنهما لا يعرفان أن صحتكم متدهورة إلى هذا الحد وقد لاحظت تأثرهما بفقدكم لأنكم جميعاً سطرتم سنين الذكريات وثقتها مدونات مطبوعات المؤتمرات والمحافل التي جمعتكم في محافل عدة داخل مصر وخارجها عبر سنوات طويلة رحمك الله رحمة واسعة .