تختلط روائح المعسل والقهوة في مقهى “القلعة”، في محافظة القطيف، ويشكل المقهى جزءا من مدينة ألعاب تحمل الاسم، ويثير تدخين النساء المعسل استغراب السيدات غير المدخنات، حيث يعج القسم المخصص للعوائل بأصوات فقاقيع الماء في قناني المعسل، ولا تخشى الشاربات له من جري الأطفال بين الكراسي، متجهين من وإلى قسم الألعاب المتصل به، ولا يكف النادلين عن رفع ووضع أقداح القهوة والشاي على الطاولات. ويلتقي الشباب يوميا بأصدقائهم في المقهى، ويستمر السمر لما بعد منتصف الليل، واصفين جلستهم تلك ب”متنفس الحياة”، ويقول حسين يتيم: الأماكن المتاحة للشباب قليلة، فيحظر علينا دخول المجمعات التجارية، و ينظر لنا في أماكن أخرى كعناصر غير مرغوب فيها، هذا المقهى هو متنفسنا الوحيد، للحديث وشرب “الشيشة”، كما أن أسعار المشروبات زهيدة وهو ما يشجعنا على التردد عليه بشكل يومي، في حين ذكر محمد، الذي فضل عدم ذكر اسم والده أو عائلته خوفا من زوجته التي لا تعلم بتردده على المقهى، أن المقهى يخفف عنه ضغوط خلافاته اليومية مع زوجته، ويقول ينسيني الجلوس مع أصحابي، تعاسة حياتي الزوجية، ولولاه لربما طلقتها. ويفضل سالم عبدالهادي الاجتماع مع أصحابه لمشاهدة مباريات كرة القدم، على مشاهدتها في وحيدا في المنزل، ويقول أحب مناقشة مجريات المباراة وتحليل أحداثها، كما أن حماس المشاهدة لا يوصف مع أصحابي. وتتذكر سمر راضي، في القسم المخصص للعوائل، كيف ضم المقهى لقاءها الأول مع خطيبها، مضيفة أنها تحتفل فيه سنويا بذكرى زواجها، أما ماهر علي فيعترف بإدمانه الشديد على ارتياد المقهى، ويقول أشعر أن شيئا ينقصني حين يأتي وقت تجمع أصحابي فيه، ولا أسمح لأي أمر أن يشغلني عنه، مضيفا في إحدى المرات كنت عائدا من السفر في الساعة الحادية عشرة ليلا، وبدل التوجه إلى المنزل لزوجتي و أطفالي، أسرعت للمقهى لألتقي بأصحابي.