سيطرت ثقافة إقصاء المرأة وإجبارها على الاعتماد على الرجل وتهميش دورها وسلبها القدرة على التفكير وتحطيم شخصيتها، على لوحات المعرض الشخصي ال14 للفنان التشكيلي أحمد فلمبان، المقام حالياً في جدة تحت عنوان «المجتمع ذكوري». 37 لوحة فنية بمقاسات موحدة (50×50 سنتيمتراً) كلها تمحورت حول وعن المرأة في عموميتها، ووضْعها في كل المجتمعات الإنسانية، أياً كانت ثقافتها ووعيها وديانتها ومناخها ووضعها، خاصة من تعيش في إطار السلطة الذكورية. هذا الواقع الاجتماعي، الذي سطّرته لوحات فلمبان، قائم على ثقافة إقصاء المرأة، وسلبها القدرة على التفكير، وتحطيم شخصيتها، بإقناعها بأنها في حاجة للرجل أكثر من حاجة الرجل إليها. فلمبان يقول فلمبان ل «الشرق»:»أسعى من خلال المعرض إلى إظهار نصف إمكانيات البشر بشكل عام»، مشيراً إلى المرأة، التي أصبحت في هذه المجتمعات مطيّة تتحمل وِزر الرجل وأخطاءه وحماقاته، وتبقى هموم المرأة ومعاناتها في داخلها وصراخها ودموعها وألمها تُحفر في ذاكرة الزمن وتُختزن في مستودع عقلها الباطني، لافتاً إلى أن ذلك انعكس سلباً على المنظومة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. ويوضح أنه لن يتم الخروج من هذه الإشكالية في ظل الإصرار على تأخّر المجتمع في ثقافته وفكره، والإصرار على مفاهيمه إلى أن تجد المنفذ المناسب، واليوم الذي تُطبق فيه التعاليم الإسلامية، مؤكداً أن الإسلام دين المساواة والرفق واللين والعدل ونصرة الضعفاء والمظلومين والمستضعفين في الأرض وإعطاء الحقوق والأمان للخائفين. افتتح مدير عام الإعلام الخارجي في فرع وزارة الثقافة والإعلام في جدة الدكتور سعود كاتب، المعرض السبت الماضي، ويُختتم السبت المقبل، وتم فيه تدشين كتاب «ذاكرة على السطح»، الذي يقول عنه مؤلفه فلمبان:»إنه استحضار لذكريات الماضي، الطفولة والدراسة والوظيفة، علاقتي بشتى أنواع الفنون، المضامين الفنية، رحلة الغربة، ملامح من إيطاليا، ونماذج من أعمالي الفنية خلال نصف قرن، ونماذج من أعمال الفنانين السعوديين خريجو الأكاديميات الإيطالية، ونماذج من أعمال أبرز الفنانين العرب خريجو الأكاديميات الإيطالية، ولمحات للكثير من الأحداث والقصص والقيم الاجتماعية»، مبيناً أنه كتبه بنفسه لقناعته بأنه أعرف الناس بحياته وامتلاكه أسراراً وتفاصيل وتطورات، قائلاً:»حتى لا أثقل على الآخرين، ولا أحمّلهم ما لا طاقة أو علم لهم به، ولا أحمّل نفسي مصاريف الاستعانة بكاتب محترف يجاملني ويكيل لي الألقاب المفخّمة ويبالغ في الإطراء والتمجيد». ويختتم فلمبان حديثه بقوله:»آمل أن يجد القارئ في الكتاب (يقع في 300 صفحة باللغتين العربية والإنجليزية) ما يجذبه ويشده إليه، فيتفاعل معه ويتداخل مع مجرياته بأي صورة شاء أو أي انطباع يقرر، فقد عشت حياتي كما شاء لي الله، وبالتالي من حق الآخرين أن يتخذوا موقفهم المناسب حيال هذه الحياة المختصرة في وريقات هذا الكتاب، وأدعو الله أن يقيني شر الزّلل ولا يؤاخذني بالخطأ غير المقصود».