تعدَّدت الاتهامات المتبادلة حول مسودة الدستور التونسي، ووصلت الخلافات داخل لجان الصياغة في المجلس التأسيسي إلى حد المناوشات بين النواب، مع رفض عديد من الأبواب والفصول في الدستور المقترح. وتتهم المعارضة، ومعها جزء من الائتلاف الحاكم، حركة النهضة الإسلامية بالانقلاب على بعض الاتفاقات ومحاولة فرض تصوُّرها للدستور على حساب مصلحة البلاد وباقي الأطراف. وعطلت الخلافات بين مختلف الكتل والأحزاب المُمثلة لها تقديم مسودة الدستور إلى الجلسة العامة، المصادقة عليها فصلاً فصلاً، وهو ما تسعى إليه حركة النهضة وحزب التكتل ممثلَين في المقرر العام للدستور الحبيب خضر، ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، اللذين وقَّعا على المسودة الحالية. وقال أمين عام حزب نداء تونس الطيب البكوش، إن الدستور في مأزق، ويتضمن عديداً من التناقضات ويمهِّد لديكتاتورية جديدة إذا لم يتم التوافق حوله، واتهم أطرافاً سياسية بمحاولة فرض آرائها على الجميع، مشدداً على أنه «لا يمكن أن نقبل بتمرير الدستور في صيغته الحالية إلى الجلسة العامة ما لم يكن محل توافق». وتعدّ مسألة الأحكام الانتقالية إلى جانب النظام السياسي وصلاحيات كلٍّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في النظام السياسي المقبل، أبرز النقاط الخلافية في مسودة الدستور الحالية. من جانبه، عبَّر أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور، عن رفضه باب الأحكام الانتقالية «لما تعلق به من نقائص» على حد تعبيره، ورأى أنه لا يمكن تمرير الدستور الحالي بتلك الصياغة في هذا الباب. وقال بن عاشور «إن من صاغ هذه الأحكام ابتدع نظاماً جديداً ليؤسس لمرحلة انتقالية جديدة تعطل عمل المحكمة الدستورية لثلاث سنوات». ورغم تثمينه التقدم الحاصل في هذه النسخة من الدستور، إلا أن بن عاشور اعتبر أن المسودة الحالية في حاجة إلى عديد من المراجعات، خاصة فيما يتعلق بالصلاحيات وباب السلطة القضائية. وفي ذات السياق، التقى صبيحة أمس الأول، الأربعاء، في قصر الرئاسة بقرطاج، رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي، عدداً من خبراء القانون والدستور للإنصات إلى ملاحظاتهم والتشاور معهم حول مختلف التفاصيل المتعلقة بالنسخة الحالية للدستور وسبل تدارك النقائص الحاصلة، وذلك في الوقت الذي تتواصل فيه المشاورات والتنسيق بين مختلف المعنيين تحت قبة المجلس التأسيسي وخارجه لصياغة الاتفاقات اللازمة وتقريب وجهات النظر.