ليس صحيحاً أن من يصل متأخراً خير من ألا يصل؛ فقد تصل متقدماً وليس لك من «التقدم» سوى التعب فيما يفوز المتأخرون! هذا الإحساس راودني عصر الجمعة الماضية؛ ولهاجسه سبب أتمنى أن تقرأوه جيداً لتعرفوه! فقد طرأ لي مشاهدة سباقات الفروسية التي تنقلها القناة الأولى؛ فأنا مُقلٌّ في مشاهدة هذه القناة الرائدة؛ أيضاً في مشاهدة سباقات الخيول على وجه الخصوص! فكانت مشاهدة السباق تعويضاً عن غياب طويل للقناة وللخيول التي لا أملك واحداً منها ولكن أجد متعة كبيرة في رؤيتها؛ عموماً كنت أشعر بأن أمراً ما سيقع؛ وصدق حدسي؛ فبمجرد أن انطلق سباق الجياد تعثَّر أحد الفرسان عن ظهر الجواد بمجرد انطلاقه ووقع على الأرض! وبحمد الله فقد كانت عواقب السقوط سليمة؛ وليس هذا مبعث غرابة لا في سباقات الخيل ولا حتى في الحياة التي تقول إحدى أدبياتها إن «لكل جواد كبوة»! بل العجيب أن الجواد لم يتوقف بل شقَّ الصفوف محافظاً على رتم تسارعه ورباطة جأشه دون قائد يوجهه! ومضى -ما شاء الله عليه- ينهب الأرض نهباً مزاحماً على المراكز الأولى! وقبل خط النهاية بقليلٍ زاد من ركضه ليترك الجياد خلفه مع فرسانها! ليصل أولاً منهياً السباق بجدارة! غير أن كل جهده ذهب أدراج الرياح، حيث تم تتويج الحصان الذي حلَّ ثانياً! وبالرغم من أنه لا ناقة لي في السباق ولا «فرس»! بجانب فهمي ل «قوانين المنافسة» إلا أنني تعاطفت كثيراً مع ذلك الجواد! وتذكرت حينها بعض تناقضات الحياة التي كثيراً ما تجري على هذا المنوال! فالحياة نفسها ما هي إلا مضمار طويل للسباق؛ وليس شرطاً أن يفوز الأكفأ، بل من «يقتنص الفرص»، يا «إخوان»! تلك هي الحياة.