الحب أن تتنازل عن نفسك لشخص ما مقابل أن يثمن فعلا ذلك الشخص تنازلك بتنازل مثله. ليس للحب معايير أو مقاييس يمكن تحقيقها لا حسيا ولا معنويا، لكنّ هناك شعورا داخليا ينمو بمفرده تلقائيا يوحي لك أن الآخر يريد أن يقول لك بكل شكل وبكل لغة وبكل إيحاء «أنا لك أنت»!. الحب مسلسل طويل من التضحية المبنية على قناعة داخلية نابعة من أنك اخترت هذا الشخص وستقبله بكل ما فيه طالما أنه يثمن هذا الشعور ويشعر به. الحب القائم على المقارنات والترجيحات حب كاذب لا يختلف عن شراء فستان قد يكون اليوم هو الموضة وغدا سيكون ارتداؤه عيبا وعارا ونقصا. تكمن قيمة الحب والوفاء في أنهما يرسلان رسالة للطرف الآخر تقول له إنك على يقين تام أن كل الأشياء الجميلة التي تراها في الآخرين هي موجودة فيه لكنك ستحتاج لوقت أطول لتجدها. حين تقع الخيانة فإن أول رسالة تصل للطرف المخذول هي أنه ناقص وأن الطرف الآخر فقد الأمل في أن يجد ذلك الشيء الناقص فيه فذهب يبحث عنه مع الآخرين. الخيانة ليست ضد التملك والاستحواذ كما يظن البعض ولكنها ضد الكمال المفترض وضد الثقة بقيمة الآخر!. والحب في حقيقته مبدأ ذاتي، لا علاقة له بكون الآخر يشعر به أو يثمنه ولكن استمرار الحب لا بد له من أن يبنى على علاقة ثنائية تقابلية وقد يكون المحب محبا أكثر مما نتصور فيستمر بحبه و وفائه مهما كان موقف الطرف الآخر وهذه حالة نادرة جدا. وحين يكون الحب تحت مظلة مقدسة مثل الزواج فالتضحية فيه تتخذ أبعادا إنسانية واجتماعية وتعبدية ويصبح حالة رائعة من العطاء والإيثار والشراكة. يتحول إلى حالة من ممارسة «تكوين عالم مصغر» فيه كل ما في العالم الكبير من الخير والشر والصراع الدائم بينهما فيصبح التعب والخروج بهذا العالم المصغر سالما من معمعة المعركة شيئا عظيما يبث في نفسك أحاسيس العظمة والانتصار والنجاح فيتحول الحب إلى عاطفة جماعية ثرية، حالة رائعة وصفها قول الشاعر بدوي الجبل: وتخفق في قلبي قلوب عديدة لقد كان شعبا واحدا فتشعبا !