لا أسعى لصلاح العالم فأنا مشغولٌ جداً! وسأكون واهماً بمثاليتي لو خطر هذا «الهاجوس» لي! فأنا أعرف حجمي الطبيعي وأدرك أنني لو قضيت العمر كله محاولاً إصلاح نفسي لما استطعت إلا بتوفيق من الله وفضله! فإن كان من الصعب عليّ ترويض نفسي التي تعرفني وأعرفها ونتشارك وإياها نفس الجسد فإنه من المستحيل أن أخوض طرق ومصاعب هذا الهدف النبيل مشتملاً على قدرتي المحدودة كإنسان وعمري الذي لا يساوي من عمر البشرية شيئاً! ولذا سأحاول -والله عويني- مواصلة مشواري الإصلاحي الذي لن تحبه نفسي بالطبع لما يشكله من حرمانٍ وجهادٍ لها لن تستطيع معه صبراً! وحتى في إصلاحي لنفسي فأنا مطالب بالحكمة في تنفيذ هذا الأمر المهول؛ فالأمر يتطلب الموازنة بين كافة الأمور؛ فمن العيب مثلاً أن أقضي جلّ وقتي في العبادة منقطعاً إلى خالقي – الذي لو قضيت عمري كله ساجداً لما أدّيت نعمته عليّ بمنحي «شهيق» حياة واحدا- وأتناسى حقوقاً أخرى أوجبها الله عليّ بمسؤوليتي تجاه نفسي أو في تضييع مسؤولية من جعلهم الله بذمتي ممن تلزمني رعايتهم؛ وحتى لو تحققت الموازنة -بفضل الله- فإن الشيطان لن يعدم وسائله محاولاً إغوائي بتجميل عبادتي وتزيينها لي داخلاً من نفسي إليّ بصفة الإعجاب كسبيل للغواية والخسران! من هذه المقاربة البسيطة يتبين لي أنني بحاجة إلى عوامل مساعدة ومميزات -فوق العادة- يختصني الله بها لأصل بنفسي إلى سلامتها سائلاً منه الثبات؛ فإن كان أمري هكذا مع نفسي في أمر واحدٍ فقط فكيف لي الجزم بقدرتي على إصلاح العالم الذي قال الله فيه مخاطباً نبيه عليه السلام: «وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين»؟! فيا الله ارحمنا برحمتك ممن يجاهد في إصلاح البشر وينسى نفسه؛ أو ممن يسألك إنزال سخطك بهم لأنه ساخطٌ عليهم! اللهم آمين.