ولقب (الشيخ) أقصد به المعنى (المُعاصر)، ولا علاقة له بذاك الذي ورد في المعاجم والقواميس التي تقول: (الشيْخُ: الذي استبانتْ فيه السن وظهر عليه الشيبُ؛ وقيل: هو شَيْخٌ من خمسين إِلى آخره؛ وقيل: هو من إِحدى وخمسين إِلى آخر عمره؛ وقيل: هو من الخمسين إِلى الثمانين، والجمع أَشياخ وشِيخانٌ وشُيوخٌ..) كما ورد في لسان العرب، إنما أقصد المعنى في الذاكرة الجمعية وهو لا علاقة له بالعمر، ولا علاقة له بشيخ القبيلة فذاك، أبناء القبيلة هم من (شيّخوه) عليهم، ولا بشيخ (التجارة) الذي أيده النفعيون وألقوا عليه تشريفاً رداء (المشيخة)، فقد أكون أكثر تسامحاً مع هؤلاء كون اللقب أُهدى لهما، والهبة من كريم لا تُرد!، أما الثالثة فهي تحتاج جهد (شخصي) للوصول إليها، إذ تحتاج لتخصص (شرعي)، ولو كان ذلك وحده كافياً لأصبحت كلمة (شيخ) درجة علمية كالدكتوراة، ولكن هيهات، فالمشيخه لا يمكن أن تكون سهلة المنال، أذ يلزم أن تلتزم (بسيما) تؤهلك لحمل اللقب، فهما اجتهدت في طلب العلم وثنيت من أجله الركب فلن ترتقي للوصول للقب إن كنت حليق الذقن، وترتدي العقال، وثوبك يراود الركبتين، فهذه الهيئة لا تؤهلك لإمامة مسجد الحي، فضلاً عن الوصول للقب، وهذا ليس كلاما مُرسلا لا سند له، بل موجود على أرض الواقع، فمثلاً (عضو هيئة كبار العلماء في المملكة وعميد كلية الشريعة في جامعة أُم القرى سابقاً عبدالوهاب أبو سليمان) يُقدم على المستويين الإعلامي والشعبي بلقب (دكتور)، ومع كل ما قدم لم يخطئ أحدهم يوماً ويقول (الشيخ عبدالوهاب)، وهو أحق بها أكثر من صبية (التك شو) ونجوم الفضاء الذين بكل جرأة يقدمون أنفسهم بالشيخ فلان، ثم يقضون جل وقتهم في البحث عن المسائل الشاذّة والغريبة ليثيروا بها «تابعيهم»، ويتبادلوا «تزكية» بعضهم في المساء، ويشتموا (كم ليبرالي) قبل أن يناموا، ويقذفوا كم (كاشيرة) احتسابا للأجر، وفي الصباح لا يبخلون بمفاجأة مدوية، فالشيخ المُزكى ليلاً اُكتشف في عز النهار أنه غير ثقة، ثم يبدأون (يتحاسبون) رغم أننا لم نرهم وهم يسرقون! أليس من الأجدر أن «ينُزه» هذا اللقب عن»الاستغلال»، ويبقى حصراً على هيئة كبار العلماء؟