برز اسمه في أوبريت «وحدة وطن» في المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية 1431ه، فتغنى بأشعاره كبار الفنانين، مختارين بين الوطنية والعاطفية والغزلية. لكن كثيراً من المتابعين يسألون: من هو الشاعر ساري؟ «الشرق» حملت السؤال واتجهت به إلى كبار الشعراء والإعلاميين الذين كان لهم تواجد منذ تأسيس الصحافة الشعبية، وكانت البداية مع «عميد الشعر الشعبي»، رئيس قسم الأدب الشعبي في مجلة اليمامة، راشد بن جعيثن، الذي قال: ذات مساء؛ المكان: مجلة اليمامة، والزوار ثلاثة شبان دفعهم حب الثقافة والشعر إلى مكتب المجلة، وهم الأمير عبدالعزيز بن سعود بن محمد، والشيخ خالد بن عبدالعزيز التويجري، والشيخ طلال العبدالعزيز الرشيد؛ ثلاثة كان للشعر بهم حظوة وشرف، لأن التطلع إلى المستقبل هو وقود دوافعهم الأدبية. قصة ساري في ذلك المساء حصلت على نصوص شعرية من خالد التويجري، وقمت بنشرها تباعاً في مجلة اليمامة باسمه الحقيقي، ونظراً للمكانة التي يحظى بها والده، غفر الله له، في المجتمعين السعودي والعربي، فكر بالكتابة باسم مستعار، وجاء الثلاثة إلى المجلة مرة أخرى، واتفق الجميع على أن يكتبوا بأسماء مستعارة، وكان لقب «السامر» من نصيب عبدالعزيز بن سعود، ولقب «الملتاع» من نصيب طلال الرشيد، ولقب «ساري» من نصيب خالد التويجري، وأصبح كل منهم ينشر باسمه المستعار، حتى أصبحوا مدار الحديث في الوسط الشعري، وكانت لهم محاورات ورديّات مع عدد من الشعراء الكبار في الساحة آنذاك، كونهم لفتوا الأنظار من خلال ما يكتبونه في اليمامة من شعر جزل بأسمائهم المستعارة. المرحوم الفيصل وأود أن أفضي، ولأول مرة «عندما قمنا بزيارة لصاحب السمو الملكي الأمير الشاعر عبدالله الفيصل، غفر الله له، أبدى إعجابه بالشاعر ساري، والشاعر عبدالله السلوم، رحمه الله، وكان لا يعلم أن ساري هو خالد التويجري، وبعدما علم بذلك في زيارة أخرى للرياض، كتب بيت شعر، وطلب منهم الرد عليه في ارتجال آني، ورد عليه الثلاثة. حينها كان الشيخ خالد التويجري في المرحلة الثانوية من الدراسة، وقام في آخر المرحلة الثانوية بتأليف كتاب أسماه «الوجيز في القانون»، وهذا الكتاب قيّم وملفت للنظر، وبعد ذلك أصبح يكتب في جريدة المسائية «صور على الشفق»، وهي أعمال أدبية تذكرني بكتابات الشاعر خليل مطران، وبعد أكثر من ثلاثة مواسم ابتعد عن الساحة كلياً، بعدما حقق نجاحات كبيرة، وكتب أغاني جميلة في ذلك الوقت، أذكر منها «احكموا بيني وبين العشير»، و»أكثر من اللازم صبرت وتحريت»، وغيرها. ومن ثم جمع عدداً من قصائده في ديوان أسماه «ساري»، وطبع منه خمسين ألف نسخة، ونفد في حينه، ولم تتم إعادة طباعته، واتجه إلى الدراسات العليا. كما أذكر جيداً، أثناء ابتعاده عن الساحة لسنوات، بأن أحد الشعراء استخدم الاسم «ساري» نفسه، وقمت بالرد عليه، وأخبرته أن هذا الاسم، أو اللقب، يخص شاعراً معروفاً، وأنه لخالد التويجري، فاقتنع الرجل، ولم أره ينشر بعد ذلك. ومن هنا أريد أن أقول كلمة حق في العطاء المتميز الذي قدمه ساري من خلال أوبريت الجنادرية، الذي أرى فيه امتداداً لنجاحاته الكثيرة التي نتمنى ألا تتوقف. بقي أن أشير إلى أنه مع زملائه كانوا وقود حركة ثقافية شعبية في ذلك الزمان، وها هو الآن يتسنم أهم مركز اجتماعي لدى خادم الحرمين الشريفين، وذلك أكبر شرف يناله المواطن السعودي، بل العربي والإسلامي، الشرف الذي يحظى بثقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أمد الله في عمره، وحفظه قائداً للأمتين العربية والإسلامية. وحدة وطن ويقول رئيس قسم الأدب الشعبي في صحيفة عكاظ «سابقاً»، الشاعر مهدي بن عبار العنزي: عرفت الشاعر ساري في عام 1401 للهجرة، عندما كنت مشرفاً على صفحة «أريج البادية» في صحيفة عكاظ، التي تحولت فيما بعد إلى ملحق باسم «أريج الوطن»، حينها كان للساحة الشعبية فرسان يشار إليهم بالبنان، يكتبون شعراً جزل الألفاظ، سليم القوافي والأوزان، وفي مقدمتهم شاعر له مكانة ومكان في عالم الإبداع، يكتب تحت اسم مستعار «ساري»، نشر إبداعاته في عدد من الصحف والمطبوعات، ومنها مجلة اليمامة، وجريدة المسائية، وعكاظ، والجزيرة، وغيرها، فكنا نعرفه كشخص، ونعرف اسمه الحقيقي، ونحترم قراره بالظهور باسم مستعار، ولم نكن نعرف، أو نسمع عن شاعر آخر يحمل اللقب نفسه، في ذلك الوقت، فقد كانت هنالك أسماء مستعارة مختلفة، والجميع في ذلك الوقت كان يعرف الاسم الحقيقي للشاعر «ساري»، أقصد من يعمل في الصحافة الشعبية، وبعض الشعراء الذين تربطه بهم علاقة وصداقة، فلا مجال للربط بين اسم ساري، وأي شاعر آخر يحمل اللقب نفسه، إذا وجد « فالشاعر ساري رجل معروف، وصاحب مكانة اجتماعية عالية، فهو من كتب أوبريت «وحدة وطن» في دورة الجنادرية قبل الأخير. الفرسان الثلاثة ويقول رئيس القسم الشعبي في جريدة الجزيرة «سابقاً»، الشاعر الحميدي الحربي: عندما كان الأستاذ عبدالله الثميري، رحمه الله، يرأس القسم الشعبي في جريدة الجزيرة، كنت حينها أعمل محرراً في القسم نفسه، وكانت تصلنا نصوص لشاعر اسمه ساري، وكنت أقرأ له من قبل نصوصا تنشر في مجلة اليمامة، وصحيفة عكاظ، وكان وقتها السامر والملتاع، وكانوا يشكلون ثلاثياً رائعاً لما يقدمونه من نصوص جميلة لفتت الأنظار، التقيت بالسامر وبالملتاع في أكثر من مناسبة في ذلك الوقت، ورغم معرفتي بساري، إلا أنني لم ألتق به في حينها، لكنني استمعت إليه مرة عبر التلفون، وكان يتحدث مع الأمير عبدالعزيز بن سعود «السامر»، عبر التلفون، وكان يدور بينهما حديث عن الشعر، وسمعت منه قصيدة جميلة ما زلت أذكر قافيتها في الصدر «على حرف القاف»، وكانت على طرق المسحوب، وأذكر أننا تحدثنا عنها بعد نهاية المكالمة بإشادة في مجلس السامر، بعدها انقطع ساري عن التواصل مع النشر، وعلمت أنه ذهب لإكمال دراساته العليا، وبعد فترة وصلتني رسائل عدة من شخص كان يرغب بالنشر باسم «ساري»، فأوضحت له بأن اللقب لشاعر معروف، ولا يمكن النشر به إلا بموافقة منه، وكان ذلك كتابياً عبر زاوية «مع الأحبة». الخلاصة أن ساري ليس بجديد على الساحة والإعلام، ولا يستغرب منه الإبداع الذي أتحفنا به من خلال أوبريت مهرجان الجنادرية «وحدة وطن». وللعلم، فقد أصدر ديوان شعر شاهدته وقرأته، وكان بعنوان «ساري». صوره الشعرية أما الشاعر الكويتي طلال السعيد، فيقول: عندما كان الشعر الشعبي يعيش أجمل مراحله «الحقيقية»، وهي مرحلة الثمانينات الميلادية، وكنت حينها متابعاً ومراقباً جيداً لكل ما يطرح، كان يتردد على مسامعي اسم هذا الشاعر «ساري»، وحينها استطعت الحصول على بعض النصوص الشعرية التي كانت تنفرد بها الصفحات الشعبية في الصحف السعودية، ورغم حداثة سنه آنذاك، إلا أنه كان يدهشني بصوره الشعرية ومفرداته المتجددة في ذلك الوقت، وبعد مضي السنين، وفي الفترة الأخيرة، أصبحت أتلقى عدداً من قصائده من خلال أصوات الفنانين، ومنها الوطنية والعاطفية، ما جعل ذاكرتي وذائقتي تتجدد مع هذا المبدع الذي أتمنى أن يستمر، وأن ننعم بعذوبة مفرداته ومعانيه.