إن انخراطنا من حيث نشعر أو لا نشعر في تيارات فكرية ودوامات فلسفية، من خلال ما يكتب أو ما يُقال لهذا أو ذاك، إنما هو استهانة بعقولنا وخطأ مقصود لأنفسنا على أنفسنا. إننا دائماً ما نلحظ أن ما يكتب في مواقع التواصل الاجتماعي عند اختلاف شخص مع آخر، أو فريق مع فريق، بأن يحدث أرتالاً من طمس المروءة والدناءة والإهانة، وعدم إسدال ستار التسامح والتغاضي، فما إن ينتقد أحدنا الآخر حتى يدور رحى الجنون بيننا، ونتناول كفة النقد والتجريح بالتناوب، ونفقد ميزان العقلانية المتزنة، وكان من الأولى أن يكون خطابنا معقلناً ومتزناً في تصوره وآفاقه واختياراته، بعيداً عن العدوانية الرديئة، فلا بد إذن من أن ننفك من أغلال التبعية وأن نتعامل مع الأفكار، لا مع أصحابها، وألا نستبدل خبالاً بخبال. إن حتمية شمس الحق والشفافية، تأبى إلا أن تكشف أوهام الباطل وتقتحم تحديات الظلم التي تعترض مستقبل العدل. إنني لا أقصد من تأملاتي إنقاص جيلٍ عن جيل، أو اختلاف فكر عن آخر، إنما تحديداً لهدف ونضالاً لإصحاح صحيح، فإن فرغ القلب وأقفرت ساحته من العدالة والإنصاف كان مصيره الجنوح ومآله الخسران. إن جسر العبور في رسالة الكتاب والنقاد والأدباء، هو الصدق والإنصاف الذي يصل بهم إلى شاطئ رصين، ولعله يأتي اليوم الذي نستفيق فيه من سبات الغفلة والتسكع في جنبات التقنية لسب هذا وذم ذاك. أخيراً: ما أجمل أن نستقي من نبع العلم، وأن نرتشف من ماء الأدب، لنحظى بالمكسب العلمي ونرقى لمراتب الجاه العملي.