قاهرة المعز تلك المدينة الرائعة التي كثيراً ما سمعنا عنها فهي المدينة التي لا تنام، وهي من رسمت اللوحات الأولى في عالم الفنون في الوطن العربي ودفعت عجلة الإعلام ليرتقي درجة تلو الأخرى، رسمت الأحلام الوردية لكل حالم فأحمد شوقي ويوسف شاهين وعبدالحليم حافظ، وأنيس منصور وكذلك إسماعيل ياسين-كلهم نجوم نشأوا وترعرعوا على تراب هذه المدينة الرائعة وشربوا من نيلها العظيم؛ ليتركوا علامة فارقة في جبين الوطن العربي وليفتحوا المجال لكل من يأتي خلفهم ليخطوا خطاهم أو حتى يقتدي بهم. مضت الليالي وعانقت الأحلام فكر ومخيلة كثير من أبناء وطني الغالي فبعد أن كنتِ أيتها القاهرة محط الأنظار في شتى المجالات انتشت الحركة الإعلامية لدى السعوديين ليتصدروا كثيرا من الوسائل الإعلامية في الوطن العربي من خلال مشاركاتهم ومتابعاتهم كل منهم بطريقته مغردين ومفكرين، لنسحب البساط من تحت أقدام الفراعنة؛ وكذلك كسرنا الاحتكار القاهري لمبدأ النكتة والفكاهة أخذناها منهم وبعد أن كنا نغبطهم في الأعوام الماضية على مستوى الشفافية والسقف العالي الذي يتمتعون به في مجال الحرية الإعلامية والفكرية، بحمد الله حصلنا على جزء كبير منها.ولأعود بك أخي القارئ إلى بعض الأفلام أو حتى المسلسلات المصرية التي كنا ننتقدها فيما مضي وسمعنا كثيرا من الانتقاد عليها التي تصف كثيرا من حالات الفساد في قاهرة المعز وكثير منا الذي عرف عن هذا الفساد من صديق قاهري أو حتى فهمه بشكل أو بآخر وما يعانيه المجتمع القاهري من هذه الظاهرة وخشيته من زيادة انتشاره ولعلي أقتبس مقولة (المخرج عاوز كذا) في نهاية الفيلم السعيدة حيث يتم القبض على المفسدين وتعاد الحقوق لأهلها.. وما يدعو للاستغراب أن هنالك كثيراً من قضايا الفساد والتي شاهدناها ونحن صغار إما في فيلم أو حتى مسلسل درامي تحبك وتنفذ بنفس الفكر داخل مجتمعنا وكأننا نمثل ذلك المشهد ونتفنن في حبكته درامياً وجنائياً ولكن دائماً رغبة المخرج هي من تحتم النهاية ويبقى السؤال المستنبط من حكاية الليالي القاهرية والنجوم الكبار هل سنمضي على نفس الخطى القاهرية حتى تلك التي رفضتها المجتمعات القاهرية وحاربتها ولا تزال تحاربها على مر الأيام.. لتكون كل النهايات متشابهة؟؟ أم أن الوعي والإدراك لحجم ما اشكل ويشكل من ظواهر أصبحت هموماً وغياب حدس المسؤولية وعدم مراعاة المبادئ والقيم واستشعار الحساب والعقاب ليغيب الصوت النشاز الذي مللنا منه وهو يغني على ليلاه.. أم سنرتقب ليالي قاهرية ونمشي في خطواتها التائهة من عالم الفن والجمال والنكتة والطرفة والتميز في شتى المجالات إلى نقطة التدهور للمشكلات المتفاقمة والأوضاع المتأزمة. فطوبى لك يا قاهرة المعز.. وطوبى لأيامك الجميلة التي أتمنى أن تعود لك في القريب العاجل وطوبى لمن فهم المعنى وسعى لنزع كل ما اشكل وثنى كل الصعاب ليرفع بذلك لواء النجاح.