استمرار هطول الأمطار بدءا من اليوم حتى الجمعة على عدد من المناطق    أمانة القصيم :14 ميدانًا تحمل اسم (المعلم)    محمية الملك سلمان تحتفل بتسجيلها في القائمة الخضراء    «جعرانة مكة» تفتقر لمقومات أساسية    تاريخياً.. الأخضر يتفوق على الأحمر البحريني    اللامي ل«عكاظ»: صقورنا الخضر قادرون على كسب البحرين    الاتحاد يتغلّب على جدة "ودياً" .. ويواجه القادسية السبت في دوري روشن    11 ديسمبر المقبل .. الإعلان الرسمي عن استضافة كأس العالم 2034    محافظ الأحساء يُكرّم عدداً من ضباط وأفراد الشرطة    صرف صحي ومياه آسنة في صناعية الحوية    نجا من الموت.. سائق جرافة ردمه بالتراب عن غير قصد    الغامدي: 263 مسرحاً في السعودية.. والقطاع يحتاج إلى «حوكمة»    ابنة الرويشد: أبي تخطى الخطر ويستعد للعودة    جازان: مساجد بلا صيانة.. مَنْ المسؤول ؟    استعدادات لمسابقة خادم الحرمين لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية في موريتانيا    5 نصائح للتغلب على الكسل    شرب الماء.. يحسن الذاكرة ويخفض التوتر    زيمبابوي تسجل أول حالتي إصابة بفيروس جدري القردة    صديقي الوزير    هل دبت الشجاعة في رأس المال؟    «بيبان 24».. الفرص الاستثمارية الواعدة    بلطجة صوتية وبطولة كاذبة!    منتخبنا.. من «ياخذه ويدعمه ويقويه»؟    "ألكسندر" ينعش تدريبات الأهلي قبل مواجهة الخليج    حرب استنزاف لمصلحة من؟    لا رموا إسرائيل في البحر.. ولا شربوا الأرجيلة في تل أبيب!    شرطة الرياض تضبط 146 مخالفاً لنظام الحدود في وادي حنيفة    ترمب يختبر حدود استخدام الجيش    زوجة المسيار لها حق الميراث    منتدى الأفلام يختتم فعالياته متوسعًا على العالم    تكريم الراحل «الشدي» في أمسية وفاء لمسيرته الإعلامية والثقافية.. اليوم    البنتاجون يؤمن إسرائيل بثاد    وصول أولى طلائع الجسر الجوي السعودي لمساندة الشعب اللبناني    الأمين العام للجامعة العربية يدين العملية الإسرائيلية في غزة ومصادرة مقر الأونروا بالقدس    اختتام معرض الصقور والصيد السعودي الدولي بحضور يتجاوز 640 ألف زائر    أمير الرياض يستقبل السفير الفلسطيني ومدير مكافحة المخدرات    تركي بن هذلول يستعرض تقارير التعليم في نجران    أمير الشرقية يعزي أسرة الدوسري    معرض لرفع مستوى الوعي بمخاطر الكوارث في الشرقية    وزير النقل يفتتح أعمال المنتدى اللوجستي العالمي    انطلاق أعمال اجتماع مجلس وزراء البيئة العرب في جدة    طيور مهاجرة    لقاءات تعريفية لفصول موهبة    تشغيل الطوارئ بمستشفى الرس    بونو يقلق الهلاليين    نوف الغامدي: 263 مسرحاً في السعودية.. والقطاع يحتاج إلى «حوكمة»    جمعية الصم وضعاف السمع تحتفي باليوم الدولي للغات الإشارة    "محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية" تختتم مشاركتها في معرض الصقور والصيد السعودي 2024    اختتام مسابقة أقرأ في إثراء ومغربية تحصد لقب قارئ العام للعالم العربي    "الصحة" و "الأمر بالمعروف" تناقشان توعية المرضى من السحرة والدجالين    نجاح عملية قلب مفتوح بتقنية الشق الصغير في مركز الأمير سلطان بالقصيم    "الظافري" يستقبل مفوّض الإفتاء في جازان    "التعاون الإسلامي" تُدين قرار الاحتلال الإسرائيلي مصادرة مقر وكالة الأونروا بالقدس المحتلة    المربع الجديد يوقع عقد رعاية لموسم الرياض 2024    اختتام فعاليات النسخة الثانية من منتدى الأفلام السعودي    أمطار رعدية مصحوبة بزخات من البرد ورياح مثيرة للأتربة في 4 مناطق    دورة الألعاب السعودية الثالثة: العلا بطلاً لكرة قدم الصالات    أفراح الدامر والرشيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كانوا يحلمون
نشر في الشرق يوم 25 - 05 - 2013

تابعتُ برنامجاً وثائقياً شيّقاً في «قناة التاريخ» يستعرض تاريخ الإنسان والحضارات منذ بدء الخليقة وحتى وقت قريب. ولفتت انتباهي الحلقة التي تتحدث عن حياة القائد المنغولي «جنكيز خان» الذي على الرغم من أنه كان دموياً وقاسياً ومجرماً؛ أباد شعوباً وانتهك أعراضاً، إلا أنه حقق لأمّته في خمسة وعشرين عاماً ما لم تحققه الإمبراطورية الرومانية خلال أربعة قرون؛ فوسع دولته ووطدها بشكل يعجز المرء عن وصفه. ولا يهمنا في هذا السياق فداحة جرائمه، فلا ريب أنه كان أحد طغاة التاريخ، إلا أنه لا ريب أيضاً كانت له إنجازات كثيرة، خصوصاً وأنه ظهر من تحت رماد المجتمع حتى قاد العالم.
فلقد كانت حياته قاسية بعد مقتل والده على يد التتار، فتشرّد مع أسرته وأُسر واستُعبِد واضُطهِد، وكان الأولى به أن يموت منسياً لا يعرفه أحد. إلا أن إصراره كان أكبر من مصيره، فكتب تاريخه بنفسه. ولقد نجح لثلاثة أسباب رئيسة، حاله في ذلك كحال كثير من الذين غيروا مسار الأيام: الأول أنه كان يحمل حلمه معه أينما ذهب؛ فيتأقلم مع الظروف سعياً لتحقيقه. والثاني أنه كان مؤمناً بأنه سيصل إلى هدفه؛ ولذلك لم يكفّ عن المحاولة. والثالث أنه استغل ظروف عصره وفهم أدواته ووظفها بالطريقة الصحيحة؛ فلقد اهتم بالخيول كثيراً حتى اشتهر المغول بها، وأتقنوا تدريبها وصارت سلاحهم الأكثر فتكاً في حروبهم التوسعية، حتى قيل إنه يصعب التفريق في المعارك بين المغولي وبين حصانه؛ فكلاهما يصيران كتلة واحدة.
ثم استوقفتني في المسلسل قصة المخترع الألماني «يوهان غوتنبرغ» الذي قضى أكثر من عشر سنوات في تطوير الآلة الطابعة، واستطاع بذلك أن يغير مجرى التاريخ أيضاً. فلقد كان نسخ الكتب آنذاك يستغرق وقتاً طويلاً؛ فكتابة نسخة واحدة من الإنجيل كانت تأخذ ثلاث سنوات. فتصوروا كيف استطاع اختراع واحد أن يدفع بالبشرية إلى عالم المعرفة بسرعة هائلة، نتج عنها حركة معرفية عظيمة عُرفت ب «عصر النهضة».
إن لكل عصر متغيرات حضارية، وحاجات كونية، لا يفهمها إلا أناس قليلون؛ هم الحالمون الذين يُدركون بأن لديهم فرصة لإحداث فرق في حياتهم وحياة أممهم وشعوبهم. وأهم ما يُميز البارزين هؤلاء في سجل التاريخ أنهم قادرون على الإيمان المُطلَق بأحلامهم رغم تثبيط الناس لهم، ورغم وقوف العالم ضدهم وسخريته منهم. هل تعتقدون أن جنكيز خان، الفتى المُشرّد الفقير، وغوتنبرغ، الحداد البسيط، كانا محط إعجاب الناس أثناء مطاردتهما لحلمها؟ هل تتخيلون الآن كم حاربهما الناس، وكم سفّهوا بأحلامهما؟ لم تكن الظروف مواتية، ولكن إصرارهما كان أكبر من ملاءمة الأوضاع ومناسبتها. ولم ينتظرا الفرصة المناسبة لتتأتى لهما، بل صنعا فرصهما بأنفسهما.
كل الإنجازات العالمية، والإمبراطوريات، والحضارات، والقصص التي تلهمنا اليوم؛ عبارة عن أحلام فردية آمن بها أصحابها وأصروا على ملاحقتها وبالتالي تحقيقها. أعرف بأن هناك من سيقول إن هذا الكلام مثالي، وقد يخطر لك هذا الخاطر الآن وأنت تقرأ المقال، ولكن تأكد أن إنصاتك لهذه المثبطات هو ما قد يجعلك تعيش وتموت عاديا، لا قيمة لك تذكر. إن أكثر ما يضحك في مخاوفنا أن معظمها لا تتحقق، لأنها كالزنزانة الافتراضية التي نسكن فيها، ويا للغرابة، نكون نحن سجانوها. وإذا كان سفّاحاً كجنكيز خان قادراً على الإيمان بحلمه وتحقيقه، فالأولى بمن يحملون رسائل التسامح والمحبة أن يصروا على إنجاز طموحاتهم!
قال لي أحد المسؤولين مرة إن سر نجاحه في الحياة أنه لم يسمح يوماً لفكرة سلبية أن تسيطر على تفكيره، وأن لديه قدرة هائلة على التركيز؛ فاستطاع بذلك أن يتجاوز المُثبّطين ويتغلب على وساوس الحياة.
الحالمون لا يشكّون بأنفسهم ولا يقللون من شأنها، لأنهم يعرفون ما يريدون، ويستثمرون في أنفسهم وفي أحلامهم حتى يتمكنوا من كليهما. إنهم شعلة من اليقين والإيمان بقدرتهم على التغيير. نجحوا وانتصروا ليس لأنهم تمنّوا النجاح، ولكن لأنهم كانوا يحلمون به في النوم واليقظة. الفرق بين الأمنيات والأحلام، أن الأمنيات تدفعنا للنوم، أما الأحلام فتدفعنا للعمل.
لا يضر المرء أن يبحث عمّا يُميزه عن الآخرين، فتجده يتنقل في بداية حياته بين التخصصات والوظائف والحرف، ولكن عليه في لحظة ما أن يدرك ماذا يريد، وماذا يحسن؛ وتلك هي اللحظة التاريخية في حياة كل منا، فعندها فقط تبدأ حياته الحقيقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.